Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

الطائفيَّة أخطر ألغام المنطقة (ج6) الزلازل توحدنا

أ.د/ طه جابر العلواني

تعرضت إيران منذ فترة قليلة إلى زلزال شديد تبعته زلازل ارتداديَّة ظهر أثرها في بعض دول الخليج والعراق والسعوديَّة وغيرها، وذلك يعطي درسًا ومؤشرًا لنوع من الوحدة الجغرافيَّة التي لم تستطع الاختلافات المذهبيَّة الطائفيَّة أن تتغلب عليها. وكأنَّ تلك الزلازل المدمرة على كل  ما فيها من أضرار ومخاطر حملت رسالة مهمة في هذه الظروف لتقول: إنَّ مصير الأمَّة المسلمة وأقطار المسلمين والعرب وتركيا وإيران وباكستان معهم بينها نوع من الروابط الجغرافيَّة العميقة التي يفترض أن تنبه البشر الذين يعيشون على هذه الأراضي وفي هذه الأقاليم إلى أنَّ بينهم مشتركات لا ينبغي تجاهلها، وإنَّ الحدود الدوليَّة والإقليميَّة لا يمكن أن تحول دون تأثر هؤلاء الجيران، بقطع النظر عن المركز الذي وقع فيه الزلزال.

        والزلازل أنواع؛ فالطائفيَّة زلزال وفتنة، بل لعلّي لا أبالغ إذا قلت بأنَّ ضرر الطائفيَّة وأخطارها قد تتجاوز ضرر الزلازل وأخطارها، وإنَّها حين تشتعل ويشعلها الأغبياء من دعاة الطائفيَّة السياسيَّة خاصَّة  والانتهازيُّون المنافقون فإنَّ ضررها لن يتوقف عند طائفة أو فئة أو عنصر أو قبيل …؛ ولذلك، كان يفترض أن يهب الجميع من مختلف الطوائف لمحاصرة دعاة الطائفيَّة السياسيَّة وتهميشهم والحيلولة بينهم وبين الإمساك بمقاليد أي شعب من الشعوب في المنطقة؛ لأنَّ ذلك سيؤثر على المنطقة كلها، بل وعلى العالم. فهل نستطيع أن نجعل من هذه المناسبة وسيلة إيقاظ؟ وأن ندرك أنَّ الفتن لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصَّة، ولكن شرها يعم، ولا ينجو منه إلا أولئك الذين ينهون عن السوء، ويعملون على محاصرة الأفكار الفاسدة والمميتة مثل الطائفيَّة السياسيَّة.

ولقد مرَّت كوارث كثيرة وأوبئة فتكت بالبشر أو بالأنعام، وما استطاع الفكر الطائفي ولا الإقليمي ولا العنصري أن يحول دون اقتحامها للحدود المصطنعة وعبورها كل تلك الموانع الهشة أو المتخيَّلة. فأرض الله واحدة، وإذا أصاب الظلم بعضها وحوَّلها إلى سجن كبير؛ فإنَّ الله (جل شأنه) يقول: ﴿.. أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا .. (النساء:97)، كما أنَّ الله (جل شأنه) قد وعد بمساعدة الذين لا يريدون علوًا في الأرض ولا فسادًا ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (القصص:83).

        فليعلم الظالمون وحملة الأفكار الضيقة والمستعلون على الناس أنَّ الله (جل شأنه) لهم بالمرصاد، وحين علا فرعون وهامان وطغى على بني إسرائيل وقف الله إلى جانبهم، وقال: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص:5). وهذه الأمور كلها ستحصل في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشد، فهل يستطيع الطغاة سواء تدثروا بدثار الطائفيَّة السياسيَّة أو حملوا أي فكر مدمر مفرق أن يفروا من ساعة قادمة تبشر بنهايتهم؟ وليعلموا بأنَّ الله (جل شأنه) ما خلق السموات والأرض إلا بالحق ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (الروم:8)، ولن يسمح (جل شأنه) ببقائها عرضة لعبث العابثين واستغلال المنافقين.

        إنَّنا نتمنى أن يكون الزلزال الذي حدث في إيران 16/4/2013 وآثاره على المحيط الجغرافي مذكِّر لكل مَن يعيشون في المنطقة بأنَّهم لابد من تطهيرها من جميع أسلحة الدمار الشامل، وما من بلد يمتلك هذه الأسلحة في الوقت الحاضر في هذه المنطقة إلا إسرائيل، فلو جرى استخدام هذه الأسلحة ضد أي بلد من البلدان فلن ينجو أي بلد في المنطقة من الآثار المدمرة التي ستصيب الجميع. كما أنَّ ما ترتب على استخدام بعض أنواع الأسلحة في معركة احتلال العراق سنة 2003 وفي عاصفة الصحراء قبلها قد نشر في المحيط الجغرافي كله وفي العراق خاصَّة كثيرًا من الأمراض والأوبئة المميتة، ومنها السرطان -نعوذ بالله- ولم ينجُ بلد من بلدان المنطقة من تأثير الإشعاعات التي نجمت على استعمال تلك الأسلحة؛  لذلك، فإنَّنا نهيب بقواد المنطقة وقادة الرأي من علماء ومفكرين وفقهاء وإعلاميين وسواهم من الشرائح أن يتقوا الله، ويقولوا القول السديد، ويتحروا الرأي الرشيد، ولا يشيعوا أو يبعثوا الأفكار الفاسدة والقاتلة والمميتة، ولا يروجوا لها بين الناس؛ لأنَّ في ذلك تدميرًا للجميع وإضرارًا بالكل.

سائلين العلي القدير أن يجنبنا وإياكم الذلل إنَّه سميع مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *