أ.د: طه جابر العلواني
لا شك أنَّ هناك حربًا دائرة حاليًا بين الشيعة والسنَّة هي في الواقع حرب بين التشيع الصفويّ والتسنن الأمويّ، والهدف منها هو استنزاف طاقات المسلمين وتفريغها ليكون صراعهم مع الصهيونيَّة والغرب صراعًا سهلًا ينتهي إلى صالح الغرب والصهيونيَّة دون خسائر منهما، ويتحمل الجانب المسلم الخسائر كلها.
والأيام الثلاثة الماضية، وهذا اليوم، يحتفل العراقيُّون الشيعة بذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم، ولقد نقل التلفاز ومحطاته الكثيرة صورًا من تلك الاحتفالات، رأيت فيها نائب رئيس الجمهوريَّة، وهو صديق عزيز وقديم، يسير مع السائرين من الكرادة الشرقيَّة باتجاه جسر الأئمة على بعد حوالي خمسة عشر كيلو مترًا تقريبًا وهو يحمل صينيَّة ملأى بعصائر الفاكهة والمياه الغازيَّة، ويفرقها بيده على المارين على أقدامهم لزيارة موسى الكاظم بمناسبة استشهاده. وقد ذكر بعض الواعظين أنَّ الإمام الكاظم قد قتله العباسيَّون وأعداء آل البيت بالسم.
وسمعت لصديق نائب الرئيس كلامًا عجبًا في ضرورة الاحتفال بهذه المناسبات وعلاقة تلك الاحتفالات بالدين وروح التدين وما إلى ذلك، وكلما فرغت صينيَّة قدم مرافقوا السيد نائب الرئيس صينيَّة أخرى ملأى بكل ما لذَّ وطاب ليوزعه بيديه على الزائرين السائرين إلى مقام موسى الكاظم، وقد تذكرت ما أشهده اليوم في مصر من كثرة الدعاوى التي يقيمها أفراد ضد آخرين أو مؤسسات يتهمونها بالقتل تعذيبًا أو بالإيذاء أو ما شكال ومطالبة المحاكم بالبت في ذلك.
وأذكر أنَّ أحد الشيعة الإيرانيين قد نادى بضرورة الجهاد لتحرير مزرعة “فدك” من سيطرة المستعمرين من أتباع الأمويين والعباسيين على ميراث السيدة فاطمة، حيث يذكر المؤرخون الصفويون أنَّ أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- حين ولي الخلافة وادعت فاطمة -رضي الله عنها وأرضاها- حقها في مزرعة فدك؛ لأنَّها كانت مما أفاء الله على رسوله، فمنعها أبو بكر ذلك، فأقام السيد حسين الواعظي السبزواري الدعوى ضد أبي بكر الصديق في إحدى محاكم طهران، معتبرًا نفسه أحد الورثة القانونيين للسيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها وأرضاها- بحكم كونه سيدًا من أبناء الحسن أو الحسين. وقد سلم الدعوى إلى محكمة سبزوار التي قبلتها وفتحت ملفًا للدعوى جاء فيه في حقل المدعي السيد حسن الواعظي السبزواري، وفي حقل المدعى عليه أبي بكر بن أبي قحافة الخليفة الأول، وموضوع الدعوى مزرعة فدك.
كم أتمنى على إخواننا الشيعة أن يتابعوا مسيرة السيد حسن الواعظ السبزواري، ويحيوا محاكم العراق وإيران ومصر وسائر محاكم ما وراء البحار والأنهار للدعاوى الكثيرة التي ينبغي أن يقيموها ضد أبي بكر وعمر وعليّ نفسه وعثمان والسيدة عائشة بل ورسول الله –صلى الله عليه وآله وسلّم- نفسه، ولو أحبوا إدراج الحسن أيضًا؛ لأنَّه تنازل عن الخلافة إلى معاوية فلهم ذلك، ومعاوية وسائر الصحابة والتابعين وقادة المسلمين، إلى سنة 1600ه حين تأسست الدولة الصفويَّة في إيران، لربما ساعدوا في تلك الدعاوى على كشف بعض الحقائق التاريخيَّة والأساطير التي عشعشت وباضت وفرَّخت في زوايا تاريخنا وسمحت لهذا التاريخ أن يدمر دائمًا علينا حاضرنا ومستقبلنا لصالح ذلك الماضي العجيب.
فلو أنَّ إخواننا الشيعة التفتوا إلى هذه الناحية وأعطوها بعض الاهتمام لوجدوا لآلاف المحامين العاطلين عن العمل وآلاف مثلهم من القضاة ومباني بعض المحكام التي تكثر عليها خيوط العناكب، لوجدوا لهم أعمالًا، وأيَّة أعمال.
فما رأيكم -دام فضلكم- أن تضيفوا إلى هذه الاحتفالات والمسيرات إقامة الدعاوى ضد كل أولئك الذين اعتدوا -حسب رؤية البعض- على آل البيت ومحبيهم وأنصارهم، وأسماؤهم موجودة في “بحار الأنوار” للمجلسي وغيره من مصادر الشيعة، وهي كافية لئلا تترك صحابيًّا واحدًا ولا عربيًّا واحدًا من أيَّة قبيلة بمن فيهم السيد عادل عبد المهدي نائب الرئيس دون تجريم.
وشكرًا للطائفية السياسيَّة.