Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

تجربتي في الزواج ودروس مستفادة

د. طه العلواني

حين اقترح عليَّ أن أقدم تجربتي الذاتيّة في الحياة ممتزجةً بسيرتي فيها لم أقتنع بأنَّ عليَّ أن أفعل ذلك إلا بعد أن تبيّن لي أنَّ في بعض محطات تجربتي الذاتيّة محطات يمكن لشبابنا من أبناء وأحفاد أن يستفيدوا بها لو تأمَّلوها وتدبّروا فيها، ولذلك لم أجد مَا يمنع من أخذ بعض تلك المحطات وتناولها بشكل منفرد وفصلها عن مجمل مَا ستكون عليه السيرة، ليستفيد بها المتخصّصون كل بحسب رؤيته واحتياجه ولا مانع بعد ذلك أن تدرج في تسلسل وقائع سيرتي، إن صحَّ أو ساغ لي أن أسميها سيرة، وقد جرَّبت ذلك في التعليم الدينيّ؛ حيث وضعت فيه تجربتي في التعلُّم والتعليم ونشر مستقلا ولقى صدى طيّبًا.

الزواج:

وحين رأيت المهتمين بتطوير مجتمعاتنا العربيّة المسلمة قد جمعوا إحصاءات كثيرة مقلقة فيما يتعلّق بتراجع نسب الزواج وتفشي ظاهرة الطلاق وانتشار ظواهر عديدة في إقامة العلاقات بين الشباب والشابات، منها مَا عرف في بعض مناطق الخليج «بزواج المسيار، وزواج نهاية الأسبوع، والزواج العرفيّ، وزواج الدم، وزواج اللقمة، وزواج المتعة والزواج المؤقت» وما إلى ذلك من أنواع يوحي بها أحيانا شياطين الجنّ لشياطين الإنس، أو أنَّها تنبثق عن حوارات مشتركة بين الفريقين؛ فريق شياطين الإنس، وفريق شياطين الجنّ لتقدّم لنا كل هذه القائمة الطويلة من أنواع الأنكحة التي لم تكن معروفة في كثير من مراحل التاريخ التي سادت فيها الفوضى الجنسيّة لدى شعوب كثيرة. ولقد شعرت بأنَّ المفاهيم اختلطت بدرجة كبيرة وتداخلت بشكل جعل من الصعب على شباب اليوم أن يضعوا حدودًا فاصلة بين مَا يعد في نظر الشرع سفاحًا وما يعد نكاحًا، وما يعزّز بناء الأسرة، وما يضعفها.

كما إنَّ مقاصد القرآن المجيد في النكاح قد تاهت عنهم وغيَّبت الأهداف والمقاصد التي جاء القرآن الكريم بها وتتلخص في «السكن، والرحمة بين الزوجين، والنسب والصهر، ودوام النوع الإنسانيّ»، وقد يكون الشباب معذورين في ظل أوضاع تتعمّد مع سبق الإصرار التقليل من نسب الثقافة الإسلاميّة في المجتمع، وتصنيف هذا النوع من الثقافة في قائمة «ثقافة الإرهاب»، وتجفيف كل منابع المعرفة الدينيّة، واعتقاد الكثيرين من صنَّاع القرار بأنَّ تديُّن الشباب والشابات خطر على النظم التي اختاروا صياغتها بطريقة أو بأخرى أو ورثوها ممن سبقهم بذلك الشكل. فإذا أضفنا إلى ذلك شيوع الأميّة بنسب كبيرة في عالمنا العربيّ تتراوح مَا بين أربعين إلى سبعين في المئة، فذلك قد يعطي انطباعًا أنَّ شعوبنا تعاني من نوعين أو أكثر من أنواع الأميَّة.كما إنَّ الظروف الاقتصاديّة لمعظم بلداننا ظروف سيئة لا تسمح للأجيال الناشئة أن تنظّم نفسها وتبني أسرة في مثل هذه ظروف الصحيَّة البيئيّة والاقتصاديّة والثقافيّة. وبالتالي فإنَّ بناء هذه الأسر يكون هشًّا والتماسك بينها يكون ضعيفًا جدًّا فلا يمكنها أن تصمد أمام أيّة أعاصير طارئة، فينهار بنيانها عند أول اختبار لأنَّه بني منذ البداية على جرف هار، فأحببت أن أذّكر أولا بمقاصد القرآن الكريم في النكاح التي يفترض أن يكون كل مؤمن على وعي تام بها وأن يستحضرها عندما يريد تكوين أسرة.

تجربتي([1]):

 إنَّ شابًا درس العلوم الشرعيّة وصار إمامًا وخطيبًا يعظ الناس ويرشدهم أول مَا يفكر أهله ومحبّوه فيه هُوَ تزويجه!! خاصّة أنَّ بعض الفقهاء المتأخّرين كانوا يقولون بكراهة الصلاة خلف الإمام الأعزب([2]).

وعندما عدت إلى العراق ومعي البكالوريوس من كليّة الشريعة والقانون في الأزهر أوّل مَا عرض عليّ الأهل ذلك، قبلها حاولت الزواج في مصر من فتاة مصريَّة، مَا زلت أذكر أنّ والدها كان صاحب مصنع تريكو في الموسكي، وكنت أسكن في فندق صغير، ولكنّه كان حديثًا، أذكر أنّ اسمه كان فندق «المحلة الكبرى» في الموسكي، وكان مطلا على منـزل الحاج إبراهيم، ولمحت إحدى ابنتيه وشعرت بأنّها –من حيث الشكل العام- يمكن أنْ تكون زوجة مناسبة لي، فذهبتُ وصديق لي اسمه د. «علاء الدين خرُّوفه» –كان قد سبقني إلى مصر، ويعرف مصر آنذاك جيدًا- إلى والدها «الحاج إبراهيم»، ولا أزال أذكره رجلا يعتمر عمامة بسيطة كتاجر صعيديّ يبيع أشغال التريكو، كان لديه محل في «فم الخليج»، طلبنا منه يد ابنته فرحبَّ –من حيث المبدأ- وقرّر أن يأتي ليزورني في الفندق لأنّه كان يريد أنْ يرى كيف رأيت ابنته «صباح»، ويريد أنْ يطمئن إلى أنّه لم يكن طلبي لها منه بناءً على معرفة ولقاءات جرت بيني وبينها دون علمه. وزارني وجلس في غرفتي، ومن البلكونة الملاحقة رأى أنّ المسافة قريبة ويمكن أنْ أرى مَنْ يدخل ومن يخرج من منـزله، ويمكن لـمَنْ في منـزله أنْ يراني أيضًا، ووافق الرجل على الطلب، واشترط شرطًا واحدًا: أن أتعهد له أن أقيم في مصر بعد تخرّجي ولا أغادرها، وأصبح مصريًّا، قال: فإنْ تعهدتَ بذلك أقدمها لك دون تردّد، لكن إذا كنت ستأخذها وتذهب إلى العراق  -وهو لعلمك موطن أجدادي القدامى- فلن تطيب نفسي بفراق ابنتي، فأريدك أنْ تقيم هنا وسأزفها إليك!! كان من الممكن أنْ أقول له: نعم؛ وأتزوج بها ثم يُحدث الله بعد ذلك أمرًا؛ خاصّة وقد كنت -آنذاك- في السنة الثانية في كليَّة الشريعة وفي الثامنة عشرة من عمري، لكنّي آثرت أن أكون صريحًا وصادقًا أنْ أقول له: لا؛ لن أترك أسرتي وبلدي. ولا أستطيع أنْ أعدك بهذا بعد تخرجي، إنَّ زوجتي ستكون معي حيث أكون أينما أكون وإنّني أعتزم العودة إلى العراق بعد تخرجي؛ فهو بلدي. فاعتذر الرجل بلطف شديد. بعد ذلك جاء زوج أختها يقترح عليَّ أن أذهب معه ويأخذها هِيَ وأختها ونتزوج في الإسكندريّة بدون علم والدها، فقلت له: لا؛ لن أقبل أن آخذ بنتًا من أهلها بهذه الطريقة، وهكذا فشل مشروع الزواج الأول بمصريَّة لهذه الأسباب. وفي هذه القصة دروس كثيرة أترك للقارئ استنباطها.

ثم أفشلت محاولة أخرى في العراق للزواج بإحدى قريباتنا نتيجة تدخل أخي الَّذِي استطاع ضمّ والدي صفّه، ثم قدّر الله -تعالى- لي الزواج من ابنة عمي، ومنها أنجبت أبنائيّ الثلاثة.

كان زواجي منها تغلب عليه الاستجابة للتقاليد القبليّة والأسريّة، إذا كان لها الأثر الأكبر فيه، وإلّا فإنّنا عشنا -معًا- لم أكن أجد كبير فرق من حيث المشاعر بينها وبين أيّة أخت من أخواتي لأبي، فقد عشنا هِيَ وأنا في منزل أسرتنا الكبير الَّذِي كان يضمّ ثلاث أسر كبيرة:

أسرة والدي وأبناؤه؛ أخي الأكبر محمد وأنا، ولمّا توفيت الوالدة تزوج الوالد بعد ستة أشهر من وفاتها وبدأت بالإنجاب لتلد أختي سهام ثم ياسين وناهدة وانتصار… إلخ.

وأسرة عمّي الحاج خلف وزوجته وابنته الكبرى التي تزوجت بها، وكان له ولد توفى في الرابعة عشرة من عمره، كما توفى له أبناء آخرون، وولد له بعد ذلك مكيّ وقاسم… وآخرون.

وهناك أسرة عمّي الآخر الحاج حسين وزوجته، وقد تزوّج في ذلك البيت وانضمت زوجته إلى الموجودين، وبدأت الإنجاب كذلك فأنجبت ابنتها خولة ثم أحلامًا واستمرت السلسلة.

كنّا حوالي خمس وعشرين نفرًا نقتسم البيت وغرفه السبعة وساحته وصالة كثيرًا مَا تجلس العائلة فيها، كنّا نأكل معًا وجباتنا الثلاثة، وقد يشاركنا طعامنا بعض الأقارب من خارج الفلّوجة أو منها. فالذكور يحيطون بصينيّة كبيرة يتقدّمها الوالدان والعمّان يحيط بهما الأولاد أمثالنا، وقد يأتي بعض الأطفال الصغار ليحيطوا بالوالد والعمّين فيندسّون بيننا، ويتناولون معنا اللقيمات التي يمكن أن تقدم إليهم من الوالد أو العم خلف. وحين تزوجنا أنا وابنة العم الحاج خلف خرجنا من ذلك البيت الكبير؛ لأنّ عملي كان في بغداد فانتقلنا هِيَ وأنا إلى منزلنا في الكرّادة الشرقيّة بجوار جامع الحاجة حسيّبة الباجه جي. وبقينا فيه إلى أن غادرت العراق نهائيًّا في (26-6-1969).

إنَّ إقامة أسرة سعيدة يحتاج إلى شروط ومواصفات أكثر من اعتبارات القرابة والتقاليد، وحماية أموال الأسرة من الذهاب بالمواريث إلى أسر أخرى. إنّ الشباب في مراحل النضج تبدأ أخيلتهم ترسم صورًا لأسرهم الخاصّة التي يعتزمون بناءها. وقد يحتاجون إلى الترشيد، ولكنّهم لا يحتاجون إلى التدخل السافر.

ثم تزوجت د. منى -يرحمها الله تعالى- في أمريكا، لعدم رغبة ابنة عمّي بترك العراق والابتعاد عن أهلها آنذاك.

بعد إقامتي الطويلة في الولايات المتحدة تبيَّنت أنَّ الأسرة لا ينبغي النظر إليها بتلك الطريقة الساذجة التي كانت تحكم قواعد الزواج وبناء الأسر في المرحلة التي تزوجت فيها. فلقد أدركت أنَّ الأسرة «مؤسّسة» بكل مَا لكلمة مؤسّسة من معانٍ، وأنَّ هذه المؤسّسة ينبغي أن تبنى على أقوى الدعائم ولا بدّ من تربية الأجيال على كيفيّة بناء الأسر وممارسة دور الزوج والزوجة والأب والأم لكي نُنشِئ «الأسرة الأمّة»؛ أعني: الأسرة التي تصلح أن تكون وحدة صغرى في أمّة ونواة صلبة في بنائها، وأنَّ تلك الاعتبارات التي كانت وما تزال سائدة في مجتمعاتنا التي كثيرًا مَا تنظر إلى قضيّة زواج الشباب والشابات نظرة فيها الكثير من السذاجة والسطحية وقلة الإعداد النفسيّ والعقليّ والتربويّ لفهم حقيقة البناء الأسري وكيفيّة إقامته على أقوى الدعائم؛ ولذلك فإنّ كثيرًا من الظواهر الاجتماعيّة السلبيّة التي تنوء مجتمعاتنا تحت وطأتها حين نفكّر بها جديًّا نجد لها أسبابًا وجذورًا في ضعف البناء الأسريّ الَّذِي ترك قرونًا عديدة يمارس بشكل عفويّ ويتعرض لمختلف المؤثرات الإيجابيّة والسلبيّة ويحكم بفقه متداول توقفت أحكامه عن التجدّد منذ قرون.

يجب ألاّ تكون القضيّة كلها قضيّة شاب قد بلغ الحلم وجاوز ذلك وبلغ مبلغ الرجال وصار له مصدر رزق، وشابة قد بلغت كذلك وتتطلَّع إلى الاقتران برجل وتطلَّعت لتكوين أسرة فيقال لهما: على بركة الله كوِّنا أسرة دون أن يُعدّا للحياة الجديدة ومتطلَّباتها وما فيها، وكأنَّ تقليد الأباء والأمهات كاف لتكوين أسر سعيدة، فلقد اكتشفنا في الآونة الأخيرة كم كنّا مقصرين في بناء تلك الأفكار، أو فيما يمكن أن نطلق عليه بناء «فقه الزواج وبناء الأسر». إنّنا لم نبلغ مَا بلغته تلك المرأة الحكيمة الأعرابيّة([3]) حينما عملت على تثقيف ابنتها وتصحيح مفاهيمها ورؤيتها إلى النكاح والاقتران برجل غريب لتشكيل مؤسّسة مشتركة تختلط فيها دماء الزوجين قبل أن تختلط فيها أموالهما وقدراتهما ومشاعرهما وما إلى ذلك؛ ولذلك أصبحت مجتمعاتنا المعاصرة مهلهلة مفكّكة ضعيفة بناءً على ضعف وتفكّك لبناتها الأساسيّة أعني الأسر التي شكلت تلك المجتمعات.

مقرّرات دراسيّة لتعليم وتأسيس «ثقافة الزواج»:

ولذلك فإنّني أوصي من خلال تجربتي بأن تكون هناك برامج ومقررات دراسيّة في مستوى الثانويّات والشهادة الجامعيّة الأوليّة، لتعليم أبنائنا وبناتنا كل مَا يتعلق بالأسرة وكيفيّة تكوينها وبنائها بناءً سليمًا وتنبيه الشباب والشابات إلى جميع الآفات والمشكلات التي قد تصادفهم عند بناء الأسر، وكيف يتغلّبون عليها، وكيف يعالج الزوجان مشاكلهما بأنفسهما، وربط ذلك بالدين والمجتمع والقيم والمثل والأخلاق وتجاوز تلك السلبيّات التي تفشّت وانتشرت في مجتمعاتنا وأدت إلى إضعاف أسرنا وهلهلة بنائها. وهذه المقررات الدراسيّة يعني بها في الغرب الآن ويطلق عليها «الوالدية» parenting لتعليم الوالدين متطلَّبات تكوين الأسرة والوالديّة والأمومة.

فمؤسّسة مثل «مؤسّسة الأسرة» لا يمكن أن يبنيها الجهلة، والمحمّلون بالعقد والهزائم النفسيّة، والانسياق الماليّ والمعنويّ، وهذه صفات وظواهر تنتشر كثيرًا في بلداننا العربيّة، فلا غرابة أن نجد أنّ الأسرة بوصفها آخر المعاقل والمؤسّسات لدينا تتعرض إلى كل هذه الهزّات العنيفة.

وهنا تتدخل اتّجاهات «الإجهاز الفكريّ»؛ ولا أقول: «الغزو الفكريّ» القادمة من الجهات المعنيَّة بتفكيك المجتمعات العربيّة «لحفظ مصالحها، وحماية أمن إسرائيل» لتصبّ الزيت على النار، فتثير مجموعة من الإشكاليّات الفقهيَّة في قضايا المرأة والأسرة، لتحريض المرأة المسلمة ضد ثقافتها ودينها في قضايا الميراث، وتوزيع الصلاحيّات والواجبات بين الزوجين، غافلة عن أنّ المرأة المسلمة إذا أصغت إلى نداءات التفكيك ستفقد بذلك الصلة بمصدر قوتها النفسيّة، وطاقتها المعنويّة التي تساعدها في تعزيز وإنماء «روح المسؤليّة والالتزام» وتحمّل الضغوط التي تسهّل عليها بعض الأعباء التي تفرضها عمليّات المحافظة على الأسرة، والمصابرة على إبقاء كيانها قائمًا متماسكًا. ولذلك فإنَّ القيادات النسويَّة العربيَّة مطالبة ببناء وعي نسويّ عربيّ إسلاميّ يكون بناء الأسرة حجر الزاوية فيها وتدعيمها والمحافظة عليها هدفًا واعيًا يتغلغل في عقليّة ونفسيّة الجنسيّن. وهذه الثقافة لا بدّ أن تحدّد -بدقّة- منابعها ومصادرها، وأهدافها والقيم التي تحكمها، وتترجم إلى برامج تعليميَّة يتلقّاها الأبناء من الجنسيّن في سائر مراحل التعليم، لتشكيل «عقليّة عربيَّة مسلمة» تعيد الأسرة العربيَّة المسلمة إلى قوَّتها ومتانتها، فالأسرة بالنسبة لأمَّتنا هِيَ الحصن الأخير لها، لو استمرت في حالة التفكّك فستفقد «حجر الزاوية» الذى يمكن إعادة بناء الأمّة عليه، ولذلك فإنَّ أبناء الأمَّة مطالبون -جميعًا- وخاصّة أولئك المعنيَّون بشؤن المجتمعات العربيّة المسلمة من علماء وفقهاء ودعاة وعلماء اجتماعيَّات وإنسانيَّات، وقادة اجتماعيّين، ببذل كل مَا يمكن لبناء الوعي على ضرورة تدعيم الأسرة وتعزيزها، ومواجهة جميع التحديّات التي تواجهها.

([1] )  بطبيعة الحال؛ هذا الذي قلته فيما تقدّم كنت أعرفه أو أعرف بعضه من دراساتي، لكنّ فرقًا كبيرًا بين المعرفة المجرّدة وبين الوعي بالمعرفة والانفعال بها مع التجارب والتركمات وما تضيفه إلى المعرفة من بصيرة، فما أكتبه -الآن- يمثّل «بصائر» تجمع بين المعرفة والوعي بها مع ما أفادت الخبرات والتجارب الحياتيّة لي ولغيري من مدركات!!

([2] ) مع أنّ هناك أئمة كبارًا عاشوا عزّابًا، وماتوا عزّابًا، منهم ابن تيميَّة والنوويّ وغيرهما. وقد جمع الشيخ عبد الفتاح أبو غدة –يرحمنا ويرحمه الله- أسماء مجموعة منهم في كتيّب لطيف سمّاه «العلماء العزّاب».

([3]) إنّها وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف الشيباني، قالت هذه الأم العاقلة لابنتها ليلة زفافها، وقدمت لها هذه الوصية الغالية والهدية الثمينة، فقالت لها: أي بنية لو تركت الوصية لفضل أدب لتركت ذلك لك، ولكنها معونة للعاقل، وتنبيه للغافل.

أي بنية: اعلمي أنك ستفارقين العش الَّذِي فيه درجت، إلى بيت لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبدًا، واحفظي له خصالا عشرًا تكن لك ذخرًا:

أمّا الأولى والثانية: فالخضوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة.

وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواطن عينه وأنفه؛ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.

وأمّا الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه؛ فإنَّ تواتر الجوع ملهبة، وإنَّ تنغيص النوم مغضبة.

وأما السابعة والثامنة: فالرعاية لماله وعياله؛ وملاك الأمر في المال حسن التدبير، وفي العيال حسن التقدير،

وأمّا التاسعة والعاشرة: فلا تفرحي إن كان مغتمًا، ولا تحزني إن كان فرحًا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *