Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

أهمية الحوار الفكري

د.طه العلواني

إنّ حوار الحضارات والثقافات الحقيقيّ هو حوار المفكّرين بكل فصائلهم ومنها:

  • علماء الدين المؤمنون بوحدة الأنبياء، المدركون لأثر الدين في الحياة المعاصرة بجوانبها المختلفة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيَّة الفاقهون للكلمة ومسئوليّتها، الواعون برسالة الدين، المؤمنون بوحدة الأنبياء ووحدة رسالتهم. المترفعون عن حصر الدين في نطاق جغرافية أوقوميَّة، الذين يقدّمون نفوسهم للدين بدلًا من توظيف الدين لأنفسهم. والقادرون على إنشاء حوار القيم المشتركة والأرضيّة المشتركة، والمفاهيم المشتركة بين البشر.
  • الإعلاميّون الذين ينأون بأنفسهم أن يجعلوا رسالتهم في الحياة هي الإثارة واستجداء الإعجاب وقتل أوقات الناس بما يضر، وبما قد ينفع، ويدركون أنّ الإعلام رسالة، وأنّ الكلمة مسئوليّة، وبالآخرة هم يوقنون. وأنّ الإنسان ما يلفظ من قول أو يكتب أو يصور «إلّا لديه رقيب عتيد» فالله –تبارك وتعالى- ما خلق السماوات والأرض باطلًا، وما خلق الإنسان عبثًا، والكلمة أداة خطيرة مقولة كانت أو مقروءة أو مكتوبة، أو مصوَّرة. ورب كلمة أخرى قد تقود صاحبها إلى الجنة. ومن أعان على قتل إنسان من غير حق ثابت بحكم شرعيّ وقضاء عادل ولو بشق كلمة كتب بين عينيه آيس من رحمة الله.
  • الفلاسفة وعلماء الاجتماعيّات الذين يمكن لحواراتهم مع المدارس الفلسفيّة الغربيَّة أن يعدلوا من آثار الفلسفة الغربيَّة في أصحابها ومعطيات العلوم الاجتماعية التي أوجدت ودعمت كثيرًا من السلبيّات في النظر إلى الشعوب والأمم الأخرى وتعديل آثار المدسوسات التاريخيّة والجغرافيّة على تلك العلوم. وتعديل الآثار التي أحدثتها الحداثة وما بعد الحداثة من تفكيك للمسلّمات في الدين والطبيعة والإنسان والتاريخ، وإبراز ما يمكن للإسلام ثم للمسلمين أن يقدموه للبشريّة اليوم، من خطاب عالميّ قادر على إعادة تركيب ما فككوا، فالإنسان ليس مجرد كائن بيولوجيّ تتألف من مجموعة من المواد تنحصر حياته بين ولد وتوفي. والأسرة ليست مجرد علاقة جنسيّة يمكن أن تلبي حاجة الإنسان الطبيعيّة، ولها صيغ عديدة يمكن أن يقبل أي منها: فهناك الأسرة التقليديّة وهناك خمسة أنواع أخرى. والدين ليس مجرد موظف بدرجة مّا لأداء دور قد لا يتجاوز دور الفنون من موسيقى وغناء وما إليها. ووحدة الأديان ليست هي الحل وفقًا للصيغة التي يطرحونها بها على غرار الأمم المتحدة وتحت جناحها، فيجتمع ممثلون من سائر الأديان يتبادلون الاعتراف بينهم، ويخرجون باتفاق على ألاّ يعترض أيّ منهم على دين الآخر أو يندد بأي شيء يمكن أن يمس أديان الآخرين من قريب أو بعيد. وربما يطورون الأمر إلى أن تصبح الأحكام الدينيَّة والعقائد والشرائع تخضع لقرارات مشتركة تصدرها جمعيّة عموميّة مثل «الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة».

ولا ينكر أنّ «الحوار» بأنواعه وسيلة اتصاليَّة هامَّة لا تخلو من فوائد إذا استوفت شروطها وأركانها التي من بينها:

  1. اعتراف المتحاورين بأنَّهم أكفاء متساوون، ولو في نواح أو زوايا مختلفة.
  2. تحديد هدف الحوار والاتفاق عليه بين المتحاورين.
  3. اتّفاق أطراف الحوار على أنّه الوسيلة التي لا بديل عنها لتصفية ما بينهم، فلا بد أن يعمل كل من المتحاورين على إنجاح الحوار، وتوفير الضمانات الّلازمة للوصول به إلى غايته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *