Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

مصر والدور الإسلامي


أ.د. طه جابر العلواني

بقيت مصر لقرون عديدة ذات دور إسلاميّ فاعل ومؤثّر بوأها مكان القيادة والمرجعيَّة الإسلاميَّة قبل ظهور دول “البترودولار” في العالم الإسلامي السنيّ، خاصّة الذي يزيد عن 80% من مجموع المسلمين. وكان العالم الشيعيُّ –كذلك- يخطب ود مصر ويحرص على إقامة أوثق العلائق الثقافيَّة معها، وكثيرًا ما كانت الحوزات الدينيَّة الشيعيَّة في كل من إيران والعراق تبعث ببعض طلابها للدراسة في الأزهر، وحرصت تلك الحوزات على نيل رضى الأزهر ومصر لتدعيم مرجعيَّتها.

واحتضنت مصر أول دار للتقريب بين المذاهب قام برعايتها ورعاية أمينها الشيعيّ الشيخ “القمّى” علماء مصر ومفكروها منهم الشيخ الأكبر الراحل سليم البشري والشيخ محمود شلتوت؛ والشيخ حسن البنّا وغيرهم.

وفي عهد العثمانييّن حين برز “الإخوان الوهابيّون” في نجد وخشي العالم الإسلاميّ –كلُّه- من امتداد نفوذهم وسيطرتهم، لم يجد السلطان العثمانيّ الذي كان في حالة ضعف إلا مصر والقوات المصريّة لتدفع ذلك التيار، ووقف زحفه فكانت حملة إبراهيم باشا.

وذلك بعد أن تحالف الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع الأمير محمد بن سعود، وصار لتلك الحركة كيان سياسيّ، شعرت الدولة العثمانيّة بضرورة التدخل ضده ولولا التدخل المصريّ لانهارت الدولة العثمانيّة منذ ذلك التاريخ. وبقي الأزهر والأزهريُّون يمثّلون الاعتدال الإسلاميّ وعقليّة الانفتاح على الآخرين من المسلمين وغيرهم. ونظرة في تاريخ رفاعة الطهطاويّ (1216 هـ/18011290 هـ/1873) والشيخ حسن العطار (1250 هـ) ومن إليهم توضح لنا هذه الحقيقة. ولم يكن المسلمون في سائر أنحاء الأرض يتقبلون الفتاوى التي لا تحظى بتأييد الأزهر وموافقته. ونظرة في صحافة ومجلات النصف الثاني من القرن التاسع عشر وما تلاه تؤكد هذه الحقيقة!!

وحين جرت عمليَّات إضعاف متتالية للأزهر مؤسَّسة ودورًا وأوقافًا بدأت مكانة مصر الإسلاميّة ومكانة الأزهر بالتراجع التدريجيّ، حتى إذا جاء دور “البترول”، وبدأت الدول البتروليَّة بتأسيس كليات وجامعات إسلاميَّة زاد تراجع الأزهر والمؤسَّسات العلميَّة الدينيّة في بلاد الشام والعراق والمغرب؛ لتحتل ذلك الدور الجامعات السعوديّة الحديثة الغنيَّة مثل “الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنورة” و”جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميّة” في الرياض إضافة إلى العديد من المعاهد والكليّات الجديدة. وبدأت تستضيف آلاف الطلاب من شتى بقاع العالم الإٍسلاميّ وتقدم لهم المنح بسخاء فأخذ الطلاب يولّون وجوههم شطر تلك الجامعات السلفيّة ببرامجها، وعقليّات وسياسات القائمين علها والمدرسين فيها.

من ناحية أخرى فقد ترك ضعف الأزهر وتراجع دوره فراغًا داخليّـًا عملت الجامعات الإسلاميَّة المختلفة على ملأه؛ ولذلك فلابد من توجيه الاهتمام إلى ضرورة استعادة مصر لدورها لا لصالح مصر –وحدها- بل لصالح العالم الإسلاميّ؛ بل والعالم كلّه، وفق تخطيط مشترك هادف يستهدف ما يلي:

  1. الهدف الأساس هو استعادة مصر وجهها ودورها الإسلامي في الدوائر الثلاث: المحلي المصري و العربيّ و الإسلاميّ الإفريقيّو الآسيويّ العالميّ.
  2. تقديم الإسلام بالوجه المعتدل الذي عرف به الأزهر ومصر بصفة عامَّة، وتجنيد الطاقات الأزهريّة والأوقاف في ذلك لإعادة اتجاهات ما قبل بروز الاتجاهات السلفيّة بمساعدة البترودولار.
  3. إعادة الوجه المعتدل سوف يقلِّل من الإقبال على تلك الاتجاهات المتشدّدة من ناحية، ويقلّل من الإقبال على الانضمام إلى الحركات والتأثّر باتجاهات التشيع.
  4. تعزيز الوحدة الوطنيّة والتحاور الدائم مع الكنيسة وتطمين المخاوف بين الأقليَّة القطبيَّة في الداخل والخارج.
  5. توظيف الاتجاهات الدينيَّة في مقاومة معوّقات التنمية وخاصّة “التنمية البشريّة”.
  6. تجسير العلاقات بين الإسلاميّين بصفة عامّة والأزهر وعدم تشجيع عمليّات الصراع بين الفقيه والمفكّر ومن خلاله وتجسير العلاقات بين الشعوب والحكام المخلصين.
  7. تعديل مسار التعليم الدينيّ في جميع جامعات ومعاهد العالم الإسلاميّ بما يضمن إيجاد علماء دين ذووي وعي بالمجتمعات المعاصرة ومشكلاتها، وكيفيّة معالجتها.
  8. العناية بتعديل مسار الفكر الدينيّ بين الأقليّات المسلمة.
  9. العناية بتوجيه الطرق الصوفيّة وجهة من شأنها أًن تعين على تحقيق التنمية البشريّة ومقاومة الانحرفات السلوكيَّة؟
  10. تنويع التعليم الدينيّ، والعناية بالمهنيّ والاجتماعيّ.
  11. تنقية التراث من شوائب الغلوّ والتطرّف.
  12. العناية بالشباب وإحياء روح الفتوة، وتشجيع الكشّافة، والرغبة بالاستكشاف والإبداع وتوعية المجتمعات على الدور الضروري للشباب .
  13. دورات للأئمة والقضاة والمفتين في العالم العربي.
  14. تنشيط الحوار مع الأديان لأخرى وتوظيف ذلك في توحيد الشعوب العربيّة وتوجيه طاقاتها نحو البناء والتنميّة.
  15. تنويع التعليم، والتركيز على تخريج مهنييّن في مختلف مجالات التعليم، ومنها التعليم الديني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *