Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

مفاهيم سورة الفاتحة إجمالا

مفهوم الحمد تفصيلا

أ.د/ طه جابر العلواني

الحمد لله رب العالمين، نستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئآت أعمالنا، ونصلي ونسلم على رسول الله ومن اتبعه واهتدى بهديه إلى يوم لقاه.

ثم أمَّا بعد:

مفاهيم سورة الفاتحة على سبيل الإجمال:

  1. مفهوم الحمد.
  2. مفهوم الله.
  3. مفهوم الرب والربوبية.
  4. مفهوم العبادة.
  5. مفهوم الاستعانة.
  6. مفهوم الهداية.
  7. مفهوم الصراط المستقيم.
  8. مفهوم النعمة.
  9. مفهوم الذين أنعم الله عليهم.
  10. مفهوم المغضوب عليهم.
  11. مفهوم الضّالين.
  12. مفهوم المالك.
  13. مفهوم يوم الدّين.
  14. مفهوم الرّحمة.

إنَّ إطلاقنا لفظ مفاهيم على مفردات القرآن؛ لأنَّ مفردات القرآن ليست مصطلحات جرى اصطلاح عليها بين أصحاب الاصطلاح، وما هي بكلمات عادية مثل أيَّة كلمات أخرى، فالأقرب إلى حقائقها أن تكون مفاهيم تشتمل على معان عديدة، تلتقي في جذورها ومعانيها عند عنوان المفهوم، تلتف حوله وتحيط به، ويلاحظ المتدبر فيها ما بينها من روابط، ويستدعي مكنوناتها، ويدفع عنها صفات الاشتراك، والمجاز، والمتواطئ، والمشكك، والمجمل، ونحوها مما توصف به المفردات المتداولة في اللسان العربي.

كما أنَّ التزامنا بتفسير القرآن بالقرآن يجعل من التعامل مع مفردات القرآن باعتبارها مفاهيم أمرًا أقرب إلى تحقيق أهدافنا هذه، ودعم توجهنا في تفسير القرآن بالقرآن، وكون مفردات القرآن مفاهيم، يساعد كثيرًا على الكشف عن العلاقات البينيَّة بين مفردات القرآن، والله أعلم.

مفاهيم القرآن على سبيل التفصيل: 

مفهوم الحمد:

جاء لفظ الحمد (38) مرة في القرآن الكريم معرَّفًا وغير معرّفٍ، ولكنَّه -في سائر الأحوال- جاء منسوبًا إلى الله (تعالى) فقط ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الفاتحة:2) أي: الحمد لله على وحدانيَّته في ألوهيَّته، وعلى ربوبيَّته. فهو الخالق للسموات والأرض وما فيهنَّ، قال (تعالى): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (الأنعام:1)، وقال (تعالى): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (فاطر:1)، وقال (تعالى): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (سبأ:1)، وكل هذه الآيات جاءت في فواتح السور إعلانًا بأنَّ الحمد خاصٌ بالله الواحد الأحد، كما أنَّ الحمد موجَّه له منحصر فيه على إنزال كتابه القرآن قيمًا ولم يجعل له عوجًا، قال (تعالى): ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (الكهف:1)، وليس من المصادفة أن تختتم بعض السور بهذا اللفظ «الحمد»، قال (تعالى): ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (الإسراء:111)، وفي سورة النمل: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (النمل:93)، وفي سورة الصافات: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الآية:180-182) وفي سورة الزمر: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الآية:74-75)، وختمت سورة الجاثية بقوله (تعالى): ﴿فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الآية:36).

وبالتمعن في فواتح السور وخواتمها التي ورد لفظ «الحمد» فيها، نجده لا يخرج عن الإطار الَّذِي رسمته سورة الفاتحة في مطلعها وهو حصر الحمد به (جل شأنه) لوحدانيّته، واستحقاقه -وحده- الإيمان بوحدانيَّته في الألوهيّة والربوبيّة، وذلك قيمة عليا ومحور أساسيّ في تأسيس صلة الإنسان بعالم الغيب و مَا تحمله تلك الصلة من آثار هامَّة على سلوك الإنسان ورؤيته، وممارساته لدوره في الحياة. وفي الوقت نفسه يؤسس “التوحيد” لصلة الإنسان في عالم الشهادة، ففساد المفسدين وظلمهم، وجحود الجاحدين وتعنّتهم وانحراف المنحرفين وطغيانهم سواء أشركوا أنفسهم به أو سواهم، ذو علاقة ظاهرة بإلحاد الإنسان أو شركه وذلك -كلّه- نتيجة إنكارهم لوحدانيَّة الله (تعالى).

وإصلاح المصلحين، وإحسان المحسنين، وإخلاص المخلصين، يصبح ذلك كلّه نتيجة لازمة للإيمان بالله حق الإيمان، فالمؤمنون لم يكونوا على مَا هم عليه إلا بإدراكهم لوحدانيَّة الخالق الواحد الأحد؛ ولهذا يأتي الحمد في ثنايا السورة في صلة وطيدة بالإقرار بوحدانيّة الله (تعالى) ومما يترتب عليها من الخير والبر والصلاح، وبالتذكير بنماذج رائعة ممن بعثهم الله (تعالى) من الأنبياء، وبما آتاهم من الفضل والكرم والعلم والحكمة والملك. وكان دعواهم «الحمد لله رب العالمين». حمدًا للخالق على مَا أنعم عليهم به من النعم. وهنا يصبح «التوحيد» ليس تكليفًا من التكاليف الاعتقاديَّة، بل هُوَ نعمة كبرى تستحق من الإنسان الشكر والحمد.

أمَّا الكافرون بالله؛ فهم الظالمون الذين قطع الله دابرهم وأخذهم بذنوبهم ظلمًا من عند أنفسهم، كقوم نوح وعاد وثمود وفرعون وغيرهم، قال (تعالى): ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الأنعام:45)، قال (تعالى): ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (المؤمنون:26).

وتربط ثنايا السور بين عالم الدنيا وعالم الآخرة، فالذين يحمدونه على نعمه في الدنيا نتيجة لإيمانهم بوحدانيَّته. يحمدونه كذلك في الآخرة على مَا وهبهم من فضله ورضاه بالجنة خالدين فيها فبحمدهم على نعمه في الدنيا نالوا نعمًا أخرى من لدنه في الآخرة. أمَّا المنكرون لنعمه في الدنيا ولحمده فلا نعم لهم عنده في الآخرة وبالتالي لا حمد لهم.

قال (تعالى): ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (يونس:10)، وقال أيضًا: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (الأعراف:43)، إذ بإيمانهم هداهم الله (تعالى) في الدنيا إلى الهدى والهداية، فباتّباعهم لهدايته أبعدوا بفضله عن الضلالة والشقاوة. قال (تعالى): ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (طه:132) ونالوا بهذه الهداية هداية أخرى أجلّ وأعظم، وهي: جنَّة الرضوان، فآخر دعواهم فيها وأفضل الدعاء عندهم وخاتمته هُوَ «الحمد لله رب العالمين» وهو محور الاعتقاد عندهم في الدنيا وأفضل الدعاء عندهم في الآخرة وبدعواهم هذا فإنَّ الحمد لله وحده في الدنيا والآخرة.

ففي الدنيا كما هُوَ على لسان نبيه إبراهيم (عليه السلام): ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء (إبراهيم:39)، وكذلك على لسان داود وسليمان (عليهما السلام) لما آتاهم الله من الفضل الكثير، قال (تعالى): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (النمل:15)، وفي الآخرة قال (تعالى): ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (القصص:70)، كما أنَّ الله (جل شأنه) أنكر كثيرًا في ثنايا السور التي ذكر فيها لفظ «الحمد» على أولئك الكافرون بوحدانيَّته، وضرب لهم الأمثال لعلّهم يتذكرون واستدل (جل شأنه) بآيات الخلق على وحدانيَّة الخالق، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ولا يعقلون، فلو عقلوا آيات الله لكانوا من الحامدين له ولنعمه وفضله وإحسانه، ولتمسّكوا بالعلم بدل الهوى ولكانوا من العارفين بالله.

قال (تعالى): ﴿ضَرَبَ اللّهُ مَثَلا عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (النحل:75)، وقال (تعالى): ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَّجُلا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (الزمر:29).

العبد المملوك وليس المالك مملوكًا لما له، وليس مالك له مملوك لأهوائه وغرائزه وملذاته، لا قدرة له على أن يتحرر منها، تأمره نفسه والشيطان معينًا لها بدل أن يأمرها ويوجهها، هل يستوي هذا النموذج مع من رزقه الله (تعالى) منه رزقًا حسنًا وينفق منه صباح مساء في السر والعلن ؟!… فالحمد لله الَّذِي يبيّن الآيات ويضرب الأمثال رغم جهل الجاهلين، وهل يستوي مثلًا الرجل الَّذِي لا وجهة له ولا غاية ولا مبدأ فحياته كلها عبث وفوضى وشرك وتشارك بين هذا وذاك؟!… والرجل الَّذِي وجّه وجهه للذي فطر السموات والأرض وهو بهذا سالم من أيّ عيب يراه الناس على أحسن حال، فالحمد لله ولو أنَّ أكثرهم يجهلون. كما أنَّ الآيات في السور التي ورد فيها لفظ الحمد أنكرت على أولئك المشركين الذين يقرون بربوبيَّة الله ويشركون به، يؤمنون بالله خالقًا وربًا ولا يؤمنون به إلهًا واحدًا. قال (تعالى): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (العنكبوت:63).

قال (تعالى): ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (لقمان:25)، فلو عقلوا آيات الله في خلقه وأدركوا سننه في الذين خلوا من قبل لعلموا أنَّه الله الواحد؛ فالله خلق السموات بالحق، وأنزل الكتاب بالحق، وهو الحق (سبحانه)، فلو كان في السموات والأرض إلهين لفسدتا. إنَّ الحمد لله قائم لله في الدنيا والآخرة صباحًا وعشيًا وظهيرة؛ بل في الزمن كلّه إذ يسبحه ويحمده كل من في السموات والأرض، وله الأمر كلّه قبل كل شيء وبعد كل شيء، وبما أنَّ الأمر بيده فالحمد كلّه له كما أنَّ الدين له وحده، قال (تعالى): ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (الروم:18)، هذا فضلًا عن أنّ التسبيح لله يكون بالحمد له، وكل شيء يسبح بحمده، قال (تعالى): ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (البقرة:30)، وقال (تعالى): ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (الرعد:13)، وقال (تعالى): ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (الإسراء:44)، ووصف المكثرين من حمده بالحامدين، قال (تعالى): ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (التوبة:112)، ولفظ -الحميد- من أسماء الله الحسنى، قال (تعالى): ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (الحج:64)، وقال (تعالى): ﴿أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (النساء:121)، والله (جل شأنه) سمّى نبيه قبل بعثته وبشر به باسم أَحْمَد من الحمد والتحميد، قال (تعالى): ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (الصف:6)، وسمّاه من تكفل به في صغره مُحَمَّد وفي هذا حكمة ربانيَّة، قال (تعالى): ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا (الفتح:29)، فالرسول الكريم باسمه أَحْمَد ومحمد إمام الحامدين الشاكرين، فالله لم يسم رسوله بهذا الاسم إلا لعظمته عنده (جل شأنه) عمّا يشركون.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *