Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

المنهج القرآني لإعادة بناء الأمة وتوحيد كلمتها

أ.د/ طه جابر العلواني

  • القرآن الكريم هو المصدر المنشئ لتكوين الأمة وإسناد دعائم شبكات علاقتها.
  • الأمة أريد لها أن تكون أمة الأنبياء كافة لا تفرق بين أحد منهم، فكلهم قد أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح البشرية في نصحه لقومه أو لأهل بلده أو لأهل قريته . فهي الأمة التي أُريد لها أن تحتضن جميع الرسالات وأن تحوي جميع كتب السماء التي صدقها القرآن الكريم واستوعبها وهيمن عليها وتجاوزها.
  • الأمة الشاهدة على جميع الأمم، فهي أمة الأمم أو أمها وهي الأمة القطب المؤهلة لاستقطاب البشرية حولها دون استعلاء أو علو أو أذى ودون تطرف أو غلو.
  • أمة الوسطية والاعتدال بنبيها خُتمت النبوات .
  • وفي كتابها الكريم جُمعت الرسالات، وهي أمة اُستثنت من سنن الاستئصال وحُفظت بختم النبوة وعالمية الخطاب وحفظ الكتاب وارتباطها بحرم الله من سنة الاستبدال، قال (تعالى) : ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ (فاطر:32)، فإذا كثر في الأمة السابقون بالخيرات فإنها ستكون بخير وتحتفظ بأهليتها لمهام القطبية والشهادة والشهود الحضاري، أما إذا كثر فيها الخبث فإنها تتراجع عن مكانتها وقد تتعرض لصنوف من البلاء بما انحرفت عن سبيل الله وتذوق من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر صنوفًا حتى تثوب إلى رشدها وترجع عن إنحرافها .
  • هناك عدد من القضايا لا بد أن تذكر أولا لتفعيل المنهج القرآني في إعادة بناء الأمة وتوحيد كلمتها: :

النقطة الأولى : نحتاج إلى دراسة واقع الأمة منذ التكوين حتى وقتنا هذا ورصد نقاط القوة ونقاط الضعف.

النقطة الثانية: الأمة ربط ذكرها بالرسالة والمسئولية أينما ذكرت في القرآن الكريم كما في قوله (تعالى) : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا …﴾ ( البقرة : 143 ) ، وقوله (تعالى) : ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾  ( آل عمران : 110 ) ، وقوله (تعالى) : ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ ( الأنبياء : 92 )، فدائمًا ترتبط كلمة الأمة ” بالرسالة والمسئولية ” أما ما عداها فغالبًا ما نجدها مرتبطة بالتعارف ﴿ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ ( الحجرات : 13 )، فالقبائل والشعوب للتعارف.

النقطة الثالثة : نريد أن نقف على عوامل الهدم والتفكك التي اعترت هذه الأمة ؛ وكيف نرصدها ! يمكن أن نأخذ البيئة والسياسة والفقه وتعامل الناس مع السنة وغير ذلك، كذلك نريد أن نعرف فترات الضعف في تاريخ هذه الأمة وكيف بلغته دون أن نلقي عوامل ضعفها التي كانت قائمة لكي يكون لدينا وعي عندما نشعر بفترات الهبوط، لندرك متى نشطت عوامل الضعف وهبطت عوامل المناعة .

لو أخذنا المنطقة العربية،  فقبل حملة نابليون على مصر لم يكن للأمة الإسلامية أي مرجعية للنهوض سوى الإسلام . لكن بعد نابليون أصبح لدى الأمة استعداد لتقبل أي حلول حتى لو كانت متناقضة مع المرجعية الإسلامية حتى أصبحت المرجعية هي المرجعية الغربية وتم تهميش المرجعية الإسلامية . حينما تستورد الأمة حلولها من خارجها بروح تبعية وليس بروح إبداع ، ما الذي يحدث ؟ كيف يتم بناء تراثها من فكر ومن رؤية ومن منهج ومن نظم حياة ؟ كيف تغير العقلية من عقلية عوام إلى عقلية مبدعين ؟ كيف نغير النفسية من نفسية عبيد إلى نفسية أحرار ؟ كيف نغير الطبيعة من طبيعة القطيع إلى طبيعة أصحاب الآراء الذاتية ؟ .

هذه كلها اسئلة تطرح على القرآن الكريم مع أصحاب التاريخ أيضًا . نريد أن نأخذ نموذجين معاصرين لبيان كيفية تحقيق الوحدة بين شتات من البشر والأرض :

النموذج الأول : هو نموذج الولايات المتحدة الأمريكية التي تتكون من خمسين ولاية، وكل ولاية تقريبًا تعادل نصف مساحة العالم العربي وكذلك انتاجها يساوي نصف إنتاج العالم العربي وكان بينهم حروب وأشهرها حروب الشمال مع الجنوب وما زال عندهم مشاكل،  تفرقة عنصرية ومشاكل دينية ( بروتستانت وكاثوليك ) وأصول عرقية متنوعة ؛ كل هذه المشاكل يمكن أن تنفجر في أي وقت، ولكن هناك مؤشرات يمكن أن يُرى من خلال التوتر في أي وقت ويمكن معرفة مستواه وكل ولاية تتخصص في إنتاج شيء معين وبالتالي لا تنازعها الولايات الأخرى وتم إزالة الحواجز بينها باستخدام المواصلات وهنا تشعر كل ولاية أنها تحتاج للولايات الأخرى .

النموذج الثاني : هو النموذج الأوروبي، فقد شهدت دول القارة حروبًا لم تشهدها أي منطقة في العالم وكان لهذه الحروب آثار مدمرة وليس بينها رباط لغوي مشترك , مع ذلك تم تكوين البرلمان الأوروبي وبه خمس وعشرون لغة الآن.

لماذا لا تحدث وحدة بين العرب مثلا وعندهم من العوامل ما لا يوجد لدى الآخرين ! وهناك سؤال آخر، هل وسائل الوحدة العالمية التي جرت في أمريكا وروسيا وأوروبا تصلح لنا؟ وكيف ؟ وإن لم تكن تصلح،  فلماذا ؟ هذه الأسئلة نريد أن ندخل بها على القرآن الكريم،  بعد أن نحدد مفهوم الأمة وكيف تكونت وكيف تفرقت ؟ .

علينا أن نوظف العقيدة توظيفًا حيًا يجعل الفرد يشعر بأنه من الجاهلية أن يعتقد أن المصري أفضل من السوداني وأن السعودي أفضل من المصري،  فكيف يتم اقتلاع التفكير الإقليمي ؟ ولقد نجح القرآن الكريم في اقتلاع هذه النزعات في الماضي حتى صار المرء يتهم في دينه إذا فضل جنسًا عن جنس فكان يُقال له ” شعوبي”

يجب أن نوضح أن عبقرية الإسلام تتمثل في جماعية الآداء بالصلاة في جماعة والحج في جماعة والصوم في جماعة، ففكرة الجماعة موجودة في كل شيء أما الفردية فهي في الجزاء فقط .

  • أسباب ضعف الأمة:

هناك عدد من الأسباب تكمن وراء ضعف الأمة منها :

1-إنحراف الكثير من المسلمين عن الفهم الصحيح للإسلام وانصرافهم عن الدين كعقائد .

2-إهمال سنة النبي –صلى الله عليه وآله وسلم-  والخروج عن الإسلام في نظام الحياة .

3-تفرق المسلمين واحتدام الصدام السياسي والعصبية المذهبية بين فئات الأمة .

4-إستغلال الرياسة للمصلحة الشخصية بعيدًا عن الإسلام والمسلمين .

5-موت عقيدة الجهاد وضعف الاستعداد له وعدم إعداد الجيوش الإسلامية الإعداد المناسب له .

6-التخلي عن الأخذ بالأسباب وإهمال إنجازات البشرية في المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية . . . إلخ .

7-      تخلي الأمة الإسلامية عن وظيفتها الأساسية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

8-      الجمود والتخلي عن الاجتهاد .

9-      إهمال العلوم العلمية النافعة والانشغال بأمور فلسفية عقيمة .

10-    انتشار الأوبئة الخلقية والاجتماعية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *