Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

الفاتحة وتفسيرها على سبيل الإجمال

 

أ.د/ طه جابر العلواني

الحمد لله رب العالمين، نستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئآت أعمالنا، ونصلي ونسلم على رسول الله ومن اتبعه واهتدى بهديه إلى يوم لقاه.

ثم أمَّا بعد:

الفاتحة وتفسيرها على سبيل الإجمال:

  • هي سبع آيات في خمس وعشرين كلمة وثلاث وأربعين ومائة حرف.

بدأت السورة بحصر «الربوبيَّة والألوهيَّة» به (جل شأنه) فهو -وحده- مصدر كل خير ومانح كل نعمة، فهو الرب –الجدير وحده بالحمد- كلّه وبالثناء كله. وهنا يتحرر الإنسان من الإحساس بالحاجة أو الخضوع أو الامتنان تجاه أيّ أحد من الناس. ويتحرّر من الشعور بأنَّ عليه أن يمدح أحدًا، أو يمجده على شيء؛ لأنَّ الله (تعالى) مصدر كل نعمة ومانح كل خير، وحين تصل الإنسان نعمة من نعم الله (تعالى) على يدي أحد من خلقه فإنَّ مصدر تلك النعمة هو الله (تعالى). ومن نعمته عليك أن سخّر عبده هذا أو أمته لإيصالها إليك، فإجراؤها على يديه لا ينبغي أن يشغلك عن المنعم الحقيقيّ، بل يحملك على ذكره وشكره (سبحانه) والدعاء لمن وصلتك على يديه.

وإذا تحرّر وجد أنَّ الإنسان تحرّر وانعتق من كل ما قد يدعو إلى الذلة أو الخضوع والصغار أو يحمل عليها.

  • ليس ذلك فحسب، بل هو “مالك يوم الدين”؛ لأنَّ الإنسان كثيرًا ما يشعر بالخوف من المستقبل، والخوف من المجهول، والجزاء الذي قد يناله على ما قدّم؛ وقد يدفع ذلك الشعور البعض إلى القنوط واليأس والإغراق في المعاصي فيبيّن له: أنَّ الله (عز وجل) “مالك يوم الدين”. فما دامت الدنيا والآخرة إليه وهو “مالك يوم الدين” فليتجه إليه -وحده- بالعبادة والاستعانة والخضوع والدعاء، فكما حصر الحمد به فينبغي أن تحصر العبادة والاستعانة به (تعالى): فالحمد والعبادة والاستعانة، وابتغاء الهداية وانتظار الرحمة كل ذلك ينبغي أن يحصر بالله (عز وجل) ولا بد من تحرّر القلب والعقل والوجدان والنفس من الإحساس بالخضوع لأيّ أحد إلاّ له (سبحانه).
  • ثم تنتقل السورة لبيان انقسام الناس تجاه تلك المسلّمات إلى أصناف ثلاثة:

أ – الذين أنعم الله عليهم بقبول هذه المسلّمات فتحرَّروا وتزكّوا وطهروا، واهتدوا للتي هي أقّوم فكانوا السابقين بالخيرات.

ب- المفلحين في كل ما يتجهون إليه.

ج- القادرين على التحلي بالتوحيد والتزكية ثم تحقيق العمران.

4)   – التوحيد وتحرير العقول والقلوب والنفوس.

      – ومن التوحيد حصر الحمد والاستعانة والعبادة بالله (جل شأنه) لانحصار الربوبيًّة والألوهيَّة به (عز وجل).

      – ومن شعب الإيمان الوعي بأنَّ كل الانحرافات نجمت عن اخلال بشروط الانضمام لهذه الأمَّة المذكورة في سورة المؤمنون الآيات: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (المؤمنون:1-11)، وقوله (تعالى): ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا﴾ (الفرقان:63-77) وغيرهما.

      – إهمال فروض الكفايات وإساءة فهمها وتفسيرها تفسيرًا أدّى إلى إهمالها ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وهناك من التشريعات القرآنيَّة في سورة الفاتحة ما يتعلّق بالبسملة وأقوال  العلماء فيها أهي جزءٌ من كل سورة أم هي آية مستقلة أُنزلت لبيان الفصل بين السور، وإذا كانت جزءًا من كل سورة فهل تجب قراءتها بداية الفاتحة كما هو مذهب الشافعيَّة أو لا تجب لأنَّها ليست جزءًا من الفاتحة التي تُشكّل سبع آيات بدونها، وكذلك أحكام حصر الحمد والعبادة والاستعانة وطلب الهداية بالله (سبحانه وتعالى) وهذه الأمور عُدت فيما يندرج تحت مفهوم العقائد وعلم الكلام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *