Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

الغلو في الدراسات الإسلاميَّة تهمة أم حقيقة؟

أ.د/ طه جابر العواني

 

“الغلوّ” مصدر “غلا” إذا تجاوز الحدّ. ويكون فيما هو ماديٌّ وفيما هو معنويٌّ، وتوصف به الأفكار والأقوال والتصرُّفات والأفعال. كما يوصف به الأفراد والجماعات. فيقال: “فلان غالٍ” و”فرقة أو طائفة غالية”. ويقال: “غلت الأسعار”، إذا جاوزت حدودها. كما يقال: “غلا في دينه” و”غلا في مذهبه”.

وعندي: أنَّ “الابتداع والبدعة” مما يندرج تحت مفهوم “الغلوّ” فهي تجاوز للحد –الذي هو الأصل سواء أكانت في جانب الزيادة على الأصل أو النقص منه. أو تغيير الأصل بنوع من أنواع التغيير لتجاوز حدّه المقرَّر بحسبه.

وقد غلب “الغلوّ” على أمم سابقة في أديانهم حتى جاوزوا حد الحق الذي نزلت تلك الأديان به إلى باطل افتروه لم ترد به أصول تلك الأديان، فنعى الله (تعالى) عليهم ذلك، وقال: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً﴾ (آل عمران: 171).

والذين ذهبوا إلى بيوت النبيّ –صلى الله عليه وآله وسلم- يسألون عن عبادته، فلما أخبروا … كل منهم ما يفعله هو بحيث بدا لمن سمعهم كأنّهم تقالوا عبادة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كانوا غلاة ومغالين، ولذلك رد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك، وختم بقوله: “تلك سنتي فمن رغب عن سنتي فليس منّي”.

وفي تعليمه -صلى الله عليه وآله وسلم- لعبد الله بن عمرو أن يقتصر من الصيام على ما حدّه له، تنبيه له وتحذير من الوقوع في الغلوّ.

وكذلك في قوله لابن عمر: “… فإن لزوجك عليك حقًا وإن لنفسك عليك حقًا وإن لزورك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه”.

لقد كان -صلى الله عليه وآله وسلم- شديد الحذر والخوف على أمته من الوقوع في “الغلوّ” بكل ألوانه وأشكاله، وكذلك خلفاؤه الراشدون المهديّون من بعده: فكان -عليه الصلاة والسلام- كالآخذ بحجز الأمَّة من السقوط في دركات الغلوّ. وكان يتجنب بوادر “الغلوّ”، وهي ما تزال في بداياتها لئلا تتحول إلى ظواهر يصعب اقتلاعها بعد ذلك؛ ولذلك فإنَّ من العسير أن نجد الغلوّ “ظاهرة” اجتماعية في “جيل التلقي” كلّه- أمّا بعد ذلك الجيل فقد شاعت ظواهر “الغلوّ” بعد الفتن خاصة، بل ما كانت الفتن إلاّ انعكاسا وتجسيدًا “للغلوّ” بأنواعه المختلفة.

ولما ظهرت الفرق، واقتربت الأمّة –بعد أن ضعف الاعتصام بكتاب الله انتشرت حالة “الغلوّ” وغلت، وتعدّدت “الفرق الغالية” وتنوعت. وقد صارت هذه الفرق مصدرًا خصبًا جدًا لإنتاج “أفكار الغلوّ”. وهناك جدل يمكن أن يثار من الذي نشأ أولاً، “الأفكار الغالية”، أم “الفرق الغالية”؟ وهو سؤال أو جدل لا يترتب عليه –عندنا- الكثير. فالفرق تتكون حول أفكار محدّدة محدودة، ثم تبدأ بتوليد أفكار أخرى تعزّز بها تلك الأفكار التي صارت “أيديولوجيا” لتلك الفرقة أو الطائفة. والقارئ في كتب الملل والنحل يجد ذلك بوضوح شديد في تاريخ نشوء تلك الملل والنحل، وتطوّرها وصيرورتها.

لقراءة البحث كاملا يرجى الضغط على الرابط التالي:

الغلو في الشريعة

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *