أ.د/ طه جابر العلواني
ارتبطت معظم الفتن التي برزت في تاريخنا منذ البداية بقضية الإمامة أي رئاسة الدولة، وما اصطرع الناس على شيء ولا سفكت الدماء في شيء كما حدث في قضايا الصراع على الإمامة، ومع أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تلا علينا القرآن كله منبهًا إلى القيم والمقاصد التي ينبغي أن تقوم عليها الإمامة ونظام الحكم لكنه لم يتلو علينا في كتاب الله ولم يعلمنا شيئًا كثيرًا عن أنظمة الحكم وتفاصيلها ودقائقها وكيفيات إقامتها كما لم يفعل ذلك سيدنا إبراهيم من قبل ولا نوح اللهم إلا ما كان من بعض أنبياء بني إسرائيل الذين خضعوا لحاكمية إلهية لها مسوغاتها الشرعية والحياتيّة، ليس هذا موضع تفصيلها، واستطاع الأئمة المهديون إقامة خلافة على منهاج النبوة هي الخلافة التي عرفت بالخلافة الراشدة التي أقامها الراشدون الأربعة بمستويات مختلفة ثم سرعان ما انقلب عليها بنو أمية وتتالت الانقلابات على الانقلابات واصطرعت الأسر ذات العصبية عليها وانتهت الشورى وحيدت القيم، وانتقلنا من طور إلى طور بعيدًا عن الأسس التي رسمها القرآن المجيد لبناء الأمة والمحافظة على الملة والقيام بأعباء الدعوة، حتى بلغ الحال في عصرنا هذا ما بلغه وصار الناس يعيشون بعيدًا عن القرآن والأهداف التي جاء لتحقيقها والقيم والمقاصد التي نزل لإرساء دعائمها ويتحدث الناس اليوم عن شيء يسمونه دستور المدينة ودولة المدينة؛ ليجعلوا من ذلك سابقة وأساسًا ومنطلقًا ودليلًا يدل على ضرورة إقامة الدولة وبناء الحكومة وما إلى ذلك ولا ينكر أن تنظيم الحياة لأي مجموعة من الناس يستلزم أن يكون لهم دولة وحكومة وما ينظمون به شئونهم ويديرون به نظم حياتهم ولكن هل هناك شكل محدد معين لا بد أن تقام الدولة بمقتضاه لا يجوز أن يُذهب إلى غيره أو ينصرف إلى سواه أو أن ذلك أمر يدخل في عملية تنظيم الحياة وأنتم أعلم بأمور دنياكم ما دامت القيم محفوظة والمقاصد والأهداف متحققة.
لقراءة البحث كاملا يرجى الضغط على الرابط التالي: