Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

فإني قريب

أ.د/ طه جابر العلواني

ذكر الله (جل شأنه) حياة قلب المؤمن، إذا توقف المؤمن عن الذكر فقد عرض قلبه للموت وعرض نفسه وحياته للخطر فالذكر حياة القلب، الذكر هو الهواء الذي نتنفسه فهو الماء والطعام والغذاء والكساء وكلُ ما يحتاجه المؤمن لقلبه، فلا يتوقع للمؤمن أن يغفل لحظة عن الله (جل شأنه) والذكر يجعلنا أقرب ما نكون الى الله خاصة ذكر الله بتلاوة كتابه ﴿ ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (ص:1)

فهذا الذكر كما تقدم شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة يحد البصر ويجلو البصائر وهو عماد العلاقة بين الله والإنسان؛ لذلك قال (تعالى) : ﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (الزخرف:36)، فالشيطان يتربص بالإنسان ينتظره أن يغفل عن ذكر ربه ليفترس قلبه فيزيل أمنه وطمأنينته ويخوف نفسه ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ .. (آل عمران:175) ويجعله ممزقًا في قلبه ونفسه وخواطره ومشاعره، ويحرمه من الاقتراب من الله (جل شأنه) والتقرب إليه وذكر الله له في ملأ خير من ملأه :﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ …﴾ (المجادلة:19).   

وحين نريد أن نتقرب إلى الله (جل شأنه) فإنه قريب إذا أخلصنا إيماننا وعبادتنا وسائر أفعالنا وتصرفاتنا له (جل شأنه) قربنا إليه واستمع لذكرنا وذكرنا بمثله واستجاب دعاءنا وتقبل رجاءنا وجعل قلوبنا قادرة على الإحساس بمعيته، والشعور بلذة مناجاته والقرب منه.

وللعبد أن يدعو الله بما يشاء لكن ما يقرب إلى الله أكثر أن يدعوها بما علم الأنبياء والمرسلين وصالح عباده أن يدعوه به من الأسماء، ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته، ويذكر أدعية المصطفى –صلى الله عليه وآله وسلم- ومناجاته وأوراده وأذكاره معروفة في كتاب الله: أدعية الكروب والدعاء لغفران الذنوب والدعاء لشفاء الأمراض والدعاء لمباركة الرزق، فهناك أدعية علم القرآن المجيد الناسَ كيف يسألون الله بها ويطمعون بالإجابة، والداعي ينبغي أن لا يدعو بشر ولا بمنكر ولا بإيقاع البلاء في الناس والفتنة، ولا يسيء الأدب ولا يختار  إلا ما يناسب حاله من المأثور أو مما تفيض نفسه به وهو في تلك الحالة، ولا ينبغي للداعي أن يستعجل الإجابة، وإذا تأخرت إجابة دعوته فقد يكون ذلك؛ لأن الله (جل شأنه) وهو العليم الخبير قد ادخر له إجابة سؤله ودعائه ليمنحها له في وقت لاحق، أو أنه سيمنحه بديلًا عن ذلك فقد يكون في الإنسان ضعف.

فإذا رأى استجابة الله لدعائه قد يصيبه الغرور ويتوهم أنه مجاب الدعوة، وقد يستعلي على الناس بذلك فيرتكس ويحرم القرب من الله (جل شأنه) واستجابته لدعائه فلابد من الدعاء مع اليقين بقرب الله وإجابته واستماعه لدعائه وانتظار لطفه ورحمته وفضله ومنه بنعمته، فينال بذلك كل ذلك الثواب ويزداد قربا، خاصة إذا استحضر في قلبه أن من المحتمل أن الله (تبارك وتعالى) يحب سماع تضرعه وخضوعه ودعاءه وتقربه إليه.

كان كثير من الصالحين يسألون الله ويلحون بالسؤال في يوم عرفة وهم واقفون عليها ثم يقول “يا رب لا تحرم أحد يدعوك الآن أن تستجيب لدعائه بكثرة ذنوبي ومعاصيي”، فالداعي يجب أن يكون متواضعا خاشعاً لله، يدعوه بأسمائه ولا يجعل للشيطان سبيلا عليه، فالشيطان مثل المشركين الذين أرادوا إزعاج رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- عندما أشاعوا أن ربه قلاه أي تركه وتخلى عنه، عندما فتر الوحي عن رسول ليستكمل استعداده وليكمل الله إعداده لتلقي هذا القول الثقيل، قالوا قلاه ربه فنزلت: ﴿ وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (الضحى:1-3)، وشرح له صدره ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (الشرح:1)،  فالشيطان قد يقول مثل ما قال المشركون للإنسان إذا ضعف، لم يستجب لك ربك، إنه لا يحبك، إنه قد أبغضك وقلاك.

فإياي وإياكم أن نسقط فرائص للشيطان بمثل هذه الحبائل فلندعو الله ونذكره حبًا وتقربا إليه وابتغاء مرضاته.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *