Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

معجزة سيدنا إبراهيم

معجزة النبي تأتى فيما برع فيه قومه ولكن قد تأتى معجزة أساسية ومعجزة فرعية مثل: انشقاق القمر بالنسبة لمحمد عليه السلام، السؤال هو ما هى معجزة ابراهيم ؟ وإذا كانت النار هى معجزته الأساسية فما وجه دلالتها ؟

الجواب:

آية سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تحدى الناس بها هي القرآن المجيد وحده، ولم يتحد أحدا بغيره، لا قريشا ولا غيرها، ومن آيات سيدنا إبراهيم أنه نجى مما أرد به نمرود ملك زمانه، وأراده من قتل وهلاك، وأراده قومه من إلقائه بالنار:﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ﴾ (الأنبياء:68) ووجه دلالتها أن السنة في النار أنها تحرق، والذي يستطيع أن يوقف السنن الكونية والطبيعية عن العمل هو خالق السنن ذاتها (جل شأنه)، فجعل النار بردًا وسلاما عليه وخروجه منها دون أن يصاب بأذى عبارة عن إيقاف لسنة الإحراق في النار وهذا أمر يدل على أن إله إبراهيم هو الإله الحق، والواجب الوجود، الذي يخلق السنن والقوانيين ويملك القدرة على خرقها، وإيقافها، وتغيير اتجاهها، وهو أمر لا يملكه أحد من الخلق، ولذلك حين قال إبراهيم للملك نمرود: ﴿..رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ..﴾(البقرة:258)﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ …﴾ (البقرة:258) فأتي باثنين من السجن قتل أحدهما وأطلق الآخر فقال انظر أنا أحيي وأميت كذلك، فلفت إبراهيم نظره إلى أن الذي أراده إنما هو خلق سُنة الحياة وسُنة الموت؛ ولذلك ذكر له مثلا أوضح في هذا المقال، ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ … ﴾ (البقرة:258)، لأنه يدرك تماما أنه لا يستطيع التصرف بالسنن والقوانين الكونية والإنسانية ولا يستطيع إدّعاء ذلك؛ ولذلك عبَّر (جل شأنه) بقوله: ﴿.. ..فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ….﴾ أي دهش وذهل وتوقف تفكيره وقدرته على الإجابة، فاستسلم وانتقل إلى حالة الجحود، فالحديث هنا عند إبراهيم يتعلق بالسنن؛ ولذلك كان يقرأ الكون ويستخلص سننه، ويجادل قومه في ذلك، ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام:75 -79)، فآيات سيدنا إبراهيم قامت على إبراز السنن الكونية، وسنن الله في الحياة والإنسان وقدرته المطلقة على التصرف في تلك السنن إيجادا وتغييرا وإعداما وخرقا، فتأمل وتدبر، وفقك الله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *