Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

تفسيرحديث: ” لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”

ما هو تفسيرحديث: ” لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”.

الجواب:

هذا الحديث ورد بألفاظ عديدة، وبطرق مختلفة، فما صح منه ما أخرجه البخاري ومسلم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ” لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”، ويعني بذلك لا يكتمل إيمان أحدكم بنبوتي ورسالتي وكوني خاتم النبيين ورحمة للعالمين، والرسول المعصوم عن كل ما ينافي الرسالة، حتى يحبني حبا يجعله قادرا على الثقة التامة واليقين الكامل بأنني وحدي المبلغ عن الله، والمتلقي لرسالته، ومن أوحي إليه كتابه والقول الثقيل الذي ألقاه إلي، وأنني وحدي المكلف بتعليمكم الكتاب والحكمة، فلا تتبعون غيري، ولا تقتدون بسواي، ولا تتخذون مصدرا للوحي والرسالة إلا ما جئتكم به، ولا شك أن من يحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لابد له من استحضار هذه المعاني كلها، التي تجعل الحب كله لله (جل شأنه)، لكن السبيل إلى البرهنة على ذلك الحب لله اتباعه عليه الصلاة والسلام.

لأن الاتباع الحقيقي والتأسي والاقتداء به عليه الصلاة والسلام يتوقف على معرفته وحبه وتوقيره وتعزيره؛ ولذلك قال (جل شأنه) واصفا خلقه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم:4)، وفي آية أخرى: ﴿.. فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف:157)، وفي سورة آل عمران يقول: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾(آل عمران:31)، وما اختار الله (جل شأنه) سبيل الحب إلا ليتحقق الإيمان والاتباع لا بالطريقة الجبرية التسخيرية، كما في بعض مواقف بني اسرائيل حين نتق الجبل فوقكم كأنه ظلة، وظنوا أنه واقع بهم ثم قال لهم:﴿ .. خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (الأعراف:171)، في حين يقول (جل شأنه) لقريش: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة:54).

 فالحب دائما أليق بالإنسان ليتقدم بالطاعة والاتباع الطبيعي دون إكراه، وكلما زادت معرفة الإنسان بربه وحبه له وبالرسول الذي نزل الله كتابه على قلبه كلما كان أقدر وأكبر اندفاعا ورغبة في القيام بما كلفه الله به، والثقة التامة المطلقة بالطريق الذي أوصل إليه آيات الله، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم؛ ولذلك قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (الأحزاب:56)، من هنا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يدعو المؤمنين إلى محبته فإنه يدعوهم إلى تبني منهجه، والالتزام بسنته وطريقته وما جاء به، فلا تحمل ولاء شخصيا كولاء الإنسان للحاكم أو الملك الذي لن يؤدي إلا إلى طاعة ظاهرة، فإذا غاب فقد يخالف، وقد يرتكب ما يعد معصية لذلك الملك أو القائد، والله أعلم. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *