Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

«الزكاة»

أ.د. طه جابر العلواني

منذ فترة غير قصيرة والأصوات تتعالى حول صرف الزكاة لهذا المصرف أو ذلك من المصارف العامَّة والفتاوى بقبول ذلك أو المنع منه كثرت وتنوعت بشكل كبير دون نظر مستفيض شامل في دوافع هذه النداءات وغاياتها.

وأود أن افترض أنَّ بعض هذه النداءات مغرض يستهدف أن لا يبقي أيَّة صلة مباشرة أو بوساطة محدودة بين المسلم الفقير والمسلم الغني -إذا سمحت بعض الأنظمة بوجود غني- ومن المعروف في تاريخنا الإسلامي أنَّه بعد أن انهارت معظم مؤسسات الأمَّة العامة، كان الوقف والزكاة والصدقات وسيلة المسلمين لحماية الذات والإبقاء على صلات الخير ومؤسسات البر.

وإذا كانت موارد الدول الأعضاء وما أكثرها تعجز عن تلبية حاجات صندوق التضامن فإنَّ الزكاة أعجز من أن تستجيب لهذه الحاجات الكثيرة.

مصارف الزكاة محددة منصوص عليها، وإذا كان (في سبيل الله) مصرف للنظر فيها مجال.

  1. مطالبة الدول الأعضاء بسد احتياجات الصندوق من موارد الدول الأعضاء الغنية. سواء من عائدات مدخراتها.
  2. استثمار وقفيَّات التبرعات والهبات والمنح وعادات وقضيَّة الصندوق.

إنَّ الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة التي عليها بني الإسلام، ولها وظائف عدة فرديَّة واجتماعيّة، وهي طهارة لنفس المزكي من الشح والبخل ﴿… وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الحشر:9) وهي طهارة لنفس المدفوع له (المستحق) من الحقد والضغينة؛ وهي حق معلوم له وليست تبرعًا ليتطهر بهذا الإحساس من الشعور بالضعة أو الذل تجاه المزكي أو غيره؛ وأداؤها على الوجه الشرعي السليم يطهر المجتمع وينقيه من أهم عوامل الصراع الطبقي والتفكك الاجتماعي، ويحقق التكافل بين الجماعة المسلمة؛ وأية إساءة للتصرف فيه سوف تؤثر فيها، وتفقدها وظائفها الكثيرة الهامة.

وقد حصر الله -سبحانه وتعالى- مصارفها في ثمانية مصارف لا يجوز صرف شيء منها في غيرها، وذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة:60).

وعلى المسلمين كافَّة حكامًا ومحكومين إدراك أهمية هذا الركن الضروريّ من أركان الإسلام، واتخاذ سائر الوسائل الممكنة لإحياء العمل به، وتحقيق سائر فوائد تطبيقه وتنفيذه للأفراد والجماعات. وتسخير سائر وسائل الإعلام والتوعية للتعريف به وبأحكامه والعناية بتعليم ذلك لأبناء الأمَّة الإسلاميَّة في سائر مراحل التعليم وتربيتهم وتدريبهم على أداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام الخمسة.

ومن أهم الأحكام المتعلقة بهذا الركن طريقة دفع المكلف للزكاة، وإيصال هذا الحق لأصحابه أيجب على المكلف أن يدفع الزكاة لمستحقيها بنفسه مباشرة دون وسيط أم يجوز له أن يدفعها بوساطة من ينوب عنه من الوكلاء سواء أكان الوكيل فردًا أم هيئة وسواء أكانت الهيئة رسميَّة أم شعبيَّة.

ولبسط هذه المسألة وبيان وجه الحق فيها -إن شاء الله- نقول:

إنَّ ما جرى عليه العمل في عهد رسول الله  -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- بعد نزول تشريع الزكاة أنَّه -عليه الصلاة والسلام- كان يبعث بالمصدقين (جباة الزكاة) ليحاسبوا أغنياء الناس على أموالهم ويجبوا منهم الزكاة ويردها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- على فقراء المسلمين، وعلى ذلك جرى العمل في عهد الشيخين -رضي الله عنهما- وفي عهد أمير المؤمنين عثمان -رضي الله تعالى عنه-  أعاد الاجتهاد في ذلك، ورأى أنَّ لكل أمير دفع الأموال إلى المكلف نفسه بشكل مباشر دون تدخل من الدولة تخفيفًا عن عاتق الدولة من ناحية، ولمنح المكلفين فرصة التصرف بزكواتهم وصرفها ونحو ذلك، مما من شأنه أن يعزز الروابط المشتركة بين الأغنياء والفقراء؛ ولأنَّ الإسلام قد أصبح ممارسة وسلوكًا للمسلمين يعيشون أحكامه ويمارسونها بطريق عفوي لا تكلّف فيه، ولا يحتاجون معه إلى دوافع حكوميَّة تدفعهم لأدائها، واستمر العمل على ذلك حتى يومنا هذا.

فالأغنياء المسلمون، يدفعون زكواتهم لإخوانهم الفقراء المسلمين مباشرة أو ينوبون عنهم من يوصل زكاتهم إلى مستحقيها.

ولا شك أنَّ العصر الذي نعيش فيه عصر المدن الكبيرة التي يعيش فيها الملايين من الأغنياء والفقراء حيث تعقدت الحياة، وتنوعت حاجات الناس ومطالبهم، وتعددت طرق استعمال الأموال المختلفة والانتفاع بها، واختلفت وسائل استثمارها، وأمام هذه الوقائع لابد من البحث عن أفضل الوسائل لتنفيذ هذه الفريضة بشكل يحقق سائر مقاصد الشريعة منها. وقد يكون من هذه الوسائل تشكيل هيئات أو صناديق لجمع الزكاة من الأغنياء وصرفها إلى مستحقيها ومصارفها الثمانية الواردة في القرآن العظيم، وذلك وفقًا للشروط التالية:

 

فيتضح لا نزاع في الوجوب، تجب على المساهم المسلم، وتنزل الشخصيَّة الاعتباريَّة منزلة الشخص الحقيقي.

لجنة: الضرير، السالوس، محمد عبد اللطيف، طه العلواني، أحمد البزيع، الشيخ عمر الأشقر.

  1. بعد الاطلاع على المذكرة التفسيريَّة المقدمة من صندوق التضامن الاجتماعي ووقفيته، ودراسة الأبحاث التي تقدم بها أصحاب الفضيلة المشاركين في دراسة هذا الموضوع، والنظر في المسائل المثارة التي حدد الصندوق رغبته في الحصول على فتوى فيها من المجمع وهي:

أولاً: إجزاء تقديم الزكاة لوقفية صندوق التضامن الاجتماعي.

ثانيًا: جواز نقل الزكاة من محل المال إلى أكثر الأصناف احتياجًا في محل آخر.

ثالثًا: اعتبار صندوق التضامن الإسلاميّ ووقفيته مصرفًا من مصارف الزكاة يمكن أن يندرج تحت بعض الأصناف الثمانية المنصوص عليها في الكتاب الكريم نظرًا لتوافق أهداف الصندوق وأهداف وقفيته مع أهداف صرف الزكاة لتلك الأصناف الثمانية.

رابعًا: إفتاء صندوق التضامن والبنك الإسلامي للتنمية بجواز صرف الأخير فوائد ودائعه لدى البنوك الأجنبية إلى صندوق التضامن الاجتماعي ووقفيته لمساعدته في تحقيق أهدافه.

وقد رأت اللجنة التي شكلها المجمع بعد التداول والمؤلفة من: …..

  • أما ما يخصُّ أجزاء تقديم الزكاة الوقفية صندوق التضامن الإسلامي فذلك يعني أن الصندوق يريد أن يعطى له حق النيابة عن دافع الزكاة في دفعها إلى مستحقيها ومصارفها، ولا خلاف بين الفقهاء أنَّ دفع الزكاة لمستحقيها مما يقبل النيابة شرعًا وذلك بالشروط التالية:

أولاً: أن يقع ذلك برضى المكلف واختياره مع مراعاة الشروط الشرعيَّة لصحة عقد الوكالة ونفاذه.

ثانيًا: أن يلتزم الصندوق بتسليم زكاة موكليه إلى الأصناف الثمانية المحددة شرعًا أو بعضها.

ثالثًا: ألاّ يؤخر الصندوق دفعها إلى مستحقيها.

رابعًا: لا يحق للصندوق أن يتصرف بالأموال الزكوية المتجمعة لديه في نفقاته الإدارية أو المصروفات الخاصة بموظفيه حيث إنَّه لا تنطبق على موظفيه صفة العاملين عليها” لوجود أغراض أخرى مقصودة من استخدامهم .

خامسًا: لا يحق للصندوق ضم أموال الزكاة إلى وقفيته وحرمان مصارفها الشرعية منها.

  • أما بصدد السؤال الثاني فقد ذهب كثير من العلماء إلى جواز نقل الزكاة من مكان وجود المال إلى بلد آخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *