لقد دعا المحدث ابن الصلاح في عهده إلى إغلاق باب الاجتهاد في علم الحديث. فكيف يبرر المحدثون المعاصرون اجتهاداتهم؟ خصوصا الألباني الذي يقال عنه محيي علم الحديث؟ وهل جاء الألباني حقا بمنهج جديد في دراسة علم الحديث؟
الجواب:
لا شك أنَّ ابن الصلاح قد حجر واسعًا، وقبل ذلك اشتهرت مقولة الغزالي: “ليس في الإمكان أبدع مما كان”، وقبل هذا وذاك شاعت مقولة: أنَّ العلماء السابرين لم يتركوا لمن يأتي بعدهم ما يفعلونه إلا أن يتبنوا مقولاتهم ويخرجوا عليها. كما أشار إمام الحرمين في برهانه، وبذلك سوغوا التقليد، ومن شعراء المعلقات من قال:
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَرَدَّمِ أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّمِ
هذه مقولات اشتهرت لحمل الناس على التقليد لئلا يحدث أي تغيير في طريقة الآباء، والآبائية تقبل وترفض لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ومنَّ الله عليه بمنهج يريه كيف يصل إلى الحق، أو ما يقرب منه، أو يغلب على الظن أنَّه هو هو، وبالتالي فإنَّ المسلم غير سائغ له أن يقلد بذلك المعنى الجامد الذي عرَّفوه بأنَّه: “قبول قول الغير بلا حجة”.
فتعريف التقليد بذلك كاف لأن ندرك أنَّه جاء على مخالفة كتاب الله، فقد علَّمنا الكتاب الكريم ضرورة التثبت من صحة ما ينقل، وضرورة البرهان والدليل على صدق ما يدعى، فقبول أقوال المتقدمين لمجرد تقدمهم أمر مخالف للكتاب الكريم، ليس لأحد أن يتمسك به أو يجمد عليه.
أمَّا القول بأنَّ فلانًا مجدد كذا وفلان مجدد كذا فهو انحراف في مفهوم التجديد، وتساهل في إطلاقه لأسباب فئويَّة أو حزبيَّة أو شلليَّة أو ما إليها. نسأل الله السلامة.