أنا شاب مهندس عمرى 30 سنة و متزوج و عندى طفل – تعرضت للاعتداء الجنسى أكثر من مرة فى طفولتى، و بسبب المشاكل الأسرية و بسبب أنى تربيت بعيد عن والداي فى طفولتى تمزقت شخصيتى و أصابنى مرض نفسى اسمه “الرهاب الاجتماعى” و أُعالج منه منذ أكثر من سنة و نصف . و هذا المرض يجعلني أخاف من أشياء طبيعيه جدا و من مواجهة الناس ولا أدافع عن نفسى، و للأسف بعد انتهاء الكلية والتحقت بالعمل تعرضت للسب و الإهانات من الناس، كنت أتمنى أن أجد من يحترمنى، و كنت ألجأ إلى الله أبكي، وفي هذا الوقت تعرفت على مسيحيين على الإنترنت، و ذهبت أُصلى فى الكنيسه و الدير لأنى وجدت معاملة طيبة من المسيحيين، و للأسف وجدت معاملة بشعة من المسلمين، سواء اخوان أو سلفيين أو مسلمين عاديين، أنا حاليا حائر، ولا أدري هل أؤمن بإله أم لا؟ ومن هو الإله الحقيقي؟
الجواب:
يا بني ما تعرضت له في طفولتك ابتلاء، تتعدد الجهات المسؤولة عنه، لكن أهمها التفكك الأسري الذي ذكرته، وليتك خضعت لعلاج نفسي مبكر قبل أن تبلغ السن والوضع الذي بلغته، أما وقد حدث هذا فأنت الآن في حاجة إلى طبيب نفسي أمين ذي خلق ودين، يستطيع أن يساعدك في علمه على تفريغ شحنات الاحتقان الموجودة لديك، والتي تفاعلت حتى أوصلتك إلى الوضع الذي أنت فيه، وخلال ذلك أنت في حاجة إلى أن تسترد ثقتك بنفسك، وأنك اليوم رجل وأثبت نجاحك في الحياة حين أكملت كلية الهندسة، وتخرجت مهندسا، وأنت تعلم أن هذا النوع من الدراسات لا يجتازه إلا متفوقون، فلولا أنك من المتفوقين الأذكياء الذين من الله عليهم بقدرات متميزة لما استطعت أن تحقق ذلك، أنت تستطيع أن تخصص مكانا صغيرا في شقتك ليكون مسجدك، تؤدي بها صلواتك، وتعتكف فيه من حين لآخر عدة ساعات، تعمل فيها على قطع صلتك شعوريا بالعالم الخارجي الذي لا تستريح إليه، ولا تثق به في الوقت الحاضر، وتركز على قراءة القرآن الكريم، والشعور بمعية الله لك، وهو معكم أينما كنتم.
فذلك قد يمنحك الكثير من الراحة، كما أن عنايتك بزوجك وابنتك ومحاولة مساعدة ابنتك على تجنب كل ما قد يضر بها ستمنحك سعادة خاصة، وتشعرك بارتياح كبير، وحاول أن تخصص من دخلك مهما كان مبلغا من المال صغيرا أو كبيرا بحسب احتياجك للفقراء، خاصة الأيتام، والمشردين، فذلك سوف يشعرك بكثير من الارتياح بأنك وقد حرمت من المساعدة لم يؤثر ذلك عليك بل تحول إلى دافع لك يدفعك إلى مساعدة الآخرين، وأكثر من قراءة القرآن الكريم، والتفكر في بدائع صنع الله، فاخرج إلى الحدائق الجميلة التي تشعر النفس بالبهجة بما فيها من زهور وورود وتأمل في ذلك كله، واتخذ لنفسك بعض الهوايات النافعة التي تشد تفكيرك بعيدا عن القضايا التي ذهبت بسعادتك في طفولتك ونشأتك، والله يعينك، ويأخذ بيدك إلى ما يحبه ويرضاه.
واعلم أن ما تعرضت له من معاملة سيئة ليس الدافع إلى تلك المعاملة سوء الدين عند هؤلاء وحسن دين آخر عند غيرهم، فالناس السيؤون الذين يسئون إلى الآخرين ويسخرون منهم يدفعهم ضعف شخصياتهم وسوء أخلاقهم، وسوء تربيتهم ونشأتهم إلى الإساءة إلى أمثالك، وهذا يوجد في كل مكان ولا يسلم منه فريق من الناس مهما كان دينهم، فإياك وتغيير دينك، فذلك لن ينفعك في حالتك ولن يشفيك مما تعاني منه، بل قد يزيدك قلقا واضطرابا.
. وحاول أن تغير من المواقع التي لك فيها ذكريات سيئة، وتبتعد عنها بقدر الإمكان، والله يتولانا وإياك