Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

حكم قتل المرتد

إنَّ حكم قتل المرتد ثابتٌ بالسُّنة القولية، وأنَّ ذلك لا يعارضُ النصوصَ القطعيَّة للقرآن، هذا ما وجدته عن مقال يناقش موضوع عقوبه الردّه في كتابك . أهذا فعلا بالكلام الصحيح؟

الجواب:

لا يقبل هذا القول لأن الحاكمية لله (جل شأنه) ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (القصص:70)، ﴿ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ (الأنعام:62)، فالحاكمية إنشاء، وكشفا لله (تعالى)، لا يشاركه في حكمه أحد، ولا ينازعه فيه أحد، ورسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يُعلمنا الكتاب وأحكام الكتاب ويعلمنا ما فيه من الحكمة، ويعلمنا كيف نتبع الكتاب، ونطبق أحكامه في الواقع وهو أسوتنا في ذلك كله، فالحكم لله (تعالى)، فمهمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأساسية ما حدده القرآن المجيد: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ (المائدة:67)، ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيل*لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ (الحاقة:44-46)، ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلًا* وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ (الإسراء:73-75)، فليس هناك شيء في مجال التحريم والتحليل والتشريع يمكن أن ينسب إلى غير الله (جل شأنه) إلا على سبيل المجاز؛ ولذلك فإن الله (جل شأنه) قد قال: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ (الشورى:13)، فهو المشرع (جل شأنه)، ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ﴾(النحل:35)؛ ولذلك فإن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -قد نبه الناس بقوله: “إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ (منه شيئا)، فإنما أقطع له قطعة من النار”. وهنا حديث آخر: “إنَّ فاطمةَ بَضعةٌ مني ، و أنا أتخوَّفُ أن تُفتَنَ في دينِها ، و إني لستُ أُحَرِّمُ حلالًا ، و لا أُحِلُّ حرامًا ، و لكن و اللهِ لا تجتمعُ بنتُ رسولِ اللهِ و بنتُ عدوِّ اللهِ تحت رجلٍ واحدٍ أبدًا”. وفي سورة التحريم عاتبه الله جل شأنه حين وعد زوجتيه حفصة وعائشة بأن لا يقترب من مارية القبطية، أو من العسل على تفسير آخر فقال له (جل شأنه): ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (التحريم:2). وفي موضوع التبني قال (تعالى): ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا* مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾ (الأحزاب: 37-38).

ففي موضوع الردة من ارتد عن الإسلام فقد خرج من ربقة الدين، فلا يعامل باعتباره مسلما كما يعامل سارق أو زان أو سواه يؤمن بالله واليوم الآخر ولكن ضعفه البشري قد أسقطه في ذنب إن عوقب عليه في الحياة الدنيا غفر الله له وكانت العقوبة كفارة لذنبه، أما المرتد ردة مكتملة الأركان فقد انتهت علاقته بالإسلام، فلا يعاقب بحد شرعي يكون كفارة لذنبه في الدنيا ويعفيه من عقوبة الآخرة، وهناك اثنتى عشرة آية كريمة في القرآن الكريم تكلمت عن الردة، ولم تطالب الأمة بمعاقبة المرتد بل جعلت أمره متروكا لله (جل شأنه) في حق هو من حقوق الله (تبارك وتعالى)، لا يستطيع الإنسان أن يتطهر منه بإقامة حد، بل إن أمره إلى الله (جل شأنه)، لا نستطيع أن نقول فيه إلا ما قال عيسى عليه السلام: ﴿إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (المائدة:118). ذلك ما أؤمن به ولغيري أن يخطئني أو يرد علي، وأرجو الله (جل شأنه) أن يسدد خطانا جميعا إنه سميع مجيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *