Menu
منهجية التعامل مع التراث الإسلامي - مراجعة لكتاب من أدب الاختلاف إلى نبذ الاختلاف - أُمْنِيّة أهلِ السجود([1]) - The future of Islam in America and west - جانب من جلسات فريق باحثي الأزهر للعمل على وضع منهجية مراجعة التراث - حوار حول الربيع العربي - الإسلام والمسلمون من وجهة نظر غربية - برنامج اخترنا لمكتبتك - معالم في المنهج القرآني - ومضات فكرية

ماذا عن الفتاوى السياسية؟

الجواب:

الفتاوى السياسية ومن يتصدون لها تحتاج إلى مواصفات وشروط في الأفراد والمجالس لابد من توافرها، وما لم تتوافر تلك الشروط والمواصفات فليس لأحد أن يخوض منفردا أو مجموعة قليلة فيما نعتبره من فتاوى الأمة التي تنعكس على حاضرها ومستقبلها، فهذا النوع من الفتاوى هو الذي كان يقول عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذه مسألة لو حدثت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لانتظر فيها الوحي، ولو حدثت في عهد أبي بكر وعمر لجمعوا لها أهل بدر وأهل أحد، وسائر عقلاء الأمة. والمشكل عندنا هذه الأيام تلك العقلية الاختزالية، التي بناها التقليد، وأسس لها، بحيث صارت تختزل أكبر مشكلات الأمة بفتوى، لتقول آنذاك ما يقوله العامة: “ضعها في رقبة عالم، واخرج منها سالم”، ولقد أعددت منهجا من خلال تجاربي وخبراتي يجب اتباعه على الراغبين بالتصدي لمثل هذه الفتاوى التي نسمها بفتاوى الأمة يسرني أن أرفق إليك نموجا منها.

وأظن أن الثورة السورية وسائر ما يجري في سوريا جله من القضايا التي سوف تؤثر لا على حاضر سوريا مستقبلها فقط، بل على حاضر العالم الإسلامي ومستقبله، خاصة العالم المحيط بإسرائيل، فأية فتوى لا تضع في حسبانها الأوضاع الدولية والمحلية والإقليمية والأسئلة الكبرى عن الاقتصاد والسياسة والاجتماع وحركة التاريخ، والعوامل المضافة مثل الوجود الإسرائيلي في قلب المنطقة ونظرية الأمن الإسرائيلي، وتكفل أمريكا بحمايته وتدعيمه، وكذلك أوروبا واليابان والصين والهند وسائر القوى الكبرى حاليا أو المرشحة في العالم، إضافة إلى الاتحاد السوفيتي الذي لم يعد اتحادا، أية فتوى لا تقوم على إحاطة مستفيضة وتحليل دقيق لكل هذه الأوضاع قد تنعكس سلبا على حاضر أمتنا ومستقبلها، وأي اختزال لهذا النوع من الفتاوى وإحالة له إلى التاريخ هو خطأ جسيم قد يؤدي إلى أفدح المخاطر، كما هو ملموس ومشاهد، إن الفقيه والقانوني والسياسي والمؤرخ والمتخصص في الجغرافيا بكل أنواعها، والاجتماع، والتربية، وعلم النفس، والإعلام، كل أولئك نحتاجهم في تكييف الوقائع ومعرفتها ومعرفة المرجعية القرآنية وقولها في الإجابة على تلك الأسئلة قبل أن يقال يجب أن نفعل كذا أو نتجنب كذا.

 إن شيخي الزهاوي عليه -رحمة الله- علمني وأنا صغير حكمة لازلت أتذكرها، بقطع النظر عن غفلتي عنها في بعض الأحيان هي قوله: لو ترشح أمامي اثنان لرئاسة الدولة أحدهما تيمور لانك، والثاني أحمد بن حنبل -يرحمه الله-؛ لانتخبت تيمور لانك، وإن كان ضعيف الدين، فإن ضعفه في دينه أو تدينه أمر بينه وبين الله (تعالى)، لكن قوته وقدراته ستكون للأمة، ولصالحها، أما أحمد بن حنبل فهو قوي في دينه، ولا أراه ذا قدرات إدارية وسياسية يمكن أن تعود على الدولة لو قادها بطائل، وتدينه لنفسه، وضعفه سيضر بالدولة والأمة، هذا العالم الذي استفاد بالإضافة إلى الفقه والأصول بدراسة التاريخ والقانون فكان من أتقى الناس وأخشاهم لله (جل شأنه)، وأعلمهم بالحلال والحرام، وأكثرهم فهما لدقائق الأمور ومقتضيات السياسة الراشدة، يرحمه الله رحمة واسعة، كان فقيها عظيما، قال فيه عدد من كبار العلماء: إنه الرجل الوحيد الذي لو ضاع فقه أبو حنيفة لاستطاع الزهاوي أن يمليه عن ظهر قلب.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *