يهتم بقضية «مناهج التغيير»، وهي موضوع الساعة بحق، بحيث لا يكاد موضوع آخر يرتقي إلى أهميته ويصل إلى مستواه، خاصة أن الساحة العربية قد أصبحت ميدانا فسيحا تصطرع فيه إرادات تغييرية ومتعارضة لدرجة التنافي والتناقض بل والتضاد، وخلال القرنين الماضيين قد قضيت صرعات قوى الأمة التغيرية فيما بينها على كل فرص النجاح للنهوض وتجاوز الزمات، وهو ما يقتضي مراجعة شاملة كما يرى المستشار طارق البشري إلا أن عالمية الأزمات تستدعي عالمية الحلول، بحيث يمثل التغيير بدوره إشكالية عالمية، بل إن أزمة التغيير ذاتها قد تكمن في عالمية التغيير التي لا يزال ضباب القوميات والعنصريات والمذهبيات يحول دون رؤية عالميتها، واكتشاف المداخل السلمية لمقاربتها. إلا أن ذلك بدوره يفرض التأمل في تأسيس منطلق التغيير، وتحديد هدفه، وتوضيح معالم شخصية إنسان التغيير ضمن فعالياته وقدراته، وفهم أصول عملية التغيير ذاتها والسنن المتعلقة بها والحاكمة لها والقاضية عليها والقواعد الأساسية التي تبنى «أمة التغيير» بعد غياب إنسان التغيير لتكون الأمة القطب والأمة الوسط والمخرجة إلى الناس لإحداث التغيير ودفع الباطل بالحق وإزهاقه، وهي تتمثل في التوحيد، والإيمان بوحدة البشر في الأصل والمنشأ والمصير والمآل والمهمة العمرانية والحقيقة الإنسانية، ووحدة الحق وإثباته، وأخيرا الإيمان بخلافة الإنسان في الكون وتسخيره له. والانطلاق من كل ذلك نحو ميادين ومجالات التغيير من أهم العمليات لتفعيل هذه الرؤية التغيرية، ذلك أن عالميتنا الراهنة تتطلب إعادة قراءة النص القرآني لاكتشاف كوامنه حول المتغيرات الاجتماعية والتاريخية.. وتأصيل عناصر إصلاح مناهج الفكر وإسلامية المعرفة وهي مهمة تستهدف تكوين الإنسان الرسالي إنسان التغيير وفق الضوابط المنهجية والمعرفية.
بيانات النشر: القاهرة_المعهد العالمي للفكر الإسلامي