يحاول أن يضع مفهوم «الحاكمية الإلهية» في سياق فهم يشير إلى ضرورة الاهتمام بتأصيل مفهوم «حاكمية القرآن». ذلك أن مفهوم «الحاكمية الإلهية» خلال العقود القليلة الماضية جرى تداوله بأشكال مختلفة من مدارس فكرية متنوعة .. فبعضهم تناوله كما يتناول الشعر بحيث يكفي لتناوله أن يقوم بتحليله ثم تركيبه ليكتشف معناه، وبعضهم تناوله باعتباره واحدا من أهم مقاصد الشريعة، ويمكن أن يعتبر أصلا يفرع عليه أحكاما وفروعا إلى غير ذلك م أنواع التناول التي لم تزد المفهوم إلا غموضا. ومن المتعذر أن يُلّم بمفهوم الحاكمية الإلهية دون التعرض إلى شبكة المصطلحات أو المفاهيم الفرعية التي يستدعيها هذا المفهوم عند النظر فيه ومحاولة تحليله، والتي يعتمد عليه في تركيبه، ولا بد من توضيح نفسه ضمنها، ومن هذه المفاهيم مفهوم الدين، ومفهوم العبادة، ومفهوم الحكم بمعانيه المختلفة سواء أكان شرعيا أو تشريعيا أو عرفيا، ومفهوم الألوهية والخلق، والعبودية، والدنيا والآخرة، والحلال والحرام، والمطلق والنسبي، والعام والخاص.. وغير ذلك من أمور تتعذر الإحاطة بجوانب المفاهيم المختلفة بدون الإلمام بها وتصنيفها. في الإسلام نبوة وخلافة على منهاج النبوة، أما «الحاكمية» فقد آلت إلى كتاب الله جل شأنه، الذي وصف بصفات لم توصف بها الكتب السابقة، وأحيط بضمانات إلهية لحفظ نصه، بحيث يبقي محفوظا عبر الأجيال إلى يوم القيامة، من اجل تحقيق هذه الغاية فكان القرآن مصدقا لما بين يديه وكان هذا القرآن مهيمنا وكريما، والشريعة التي يحملها شريعة تخفيف ورحمة ووضع للإصر والأغلال وغير ذلك من خصائص تجعل القرآن الكريم بين القراءتين وارتباطهما بهذا الأمر.
بيانات النشر: القاهرة_المعهد العالمي للفكر الإسلامي
تحميل الفهرس: اضغط هنا