حري بنا ونحن نعيش الشتات في أمورنا كلها أن نعود إلى فئ تلك الدوحة المباركة، ونلتقي على الآداب الكريمة التي خلفها لنا سلفنا الصالح إن كنا جادين في السعي لاستئناف الحياة الإسلامية الفاضلة.
لقد خاف كثير من الصلحاء أن يلج باب الاجتهاد من لا يصلح له، فقد تصدى للفتيا رجال صنعوا على أعين السلطان فأصبحوا يلوون أعناق النصوص إلى حيث مالت بهم رياح الهوى، وتفاوت العلماء بين مرخص ومتشدد. وخشي صلحاء الأمة على مصيرها ومصير دينها، وبدؤوا يبحثون عن العلاج فلم يجدوا منفذا للخلاص إلا في إلزام الأمة بالتقليد، ويالها من أزمة يكون المخرج منها درك التقليد!!
إذا كانت للأئمة المجتهدين أسباب تسوغ اختلافهم، وتساعد على وضعها ضمن ضوابط الاختلاف، فإن أرباب الاختلاف المعاصرين لا يملكون سببا واحدا من أسباب الاختلاف المعقولة، فهم ليسوا بمجتهدين وكلهم مقلدون بمن فيهم أولئك الذين يرفعون أصواتهم عاليا بنبذ التقليد ونفيه عن أنفسهم.
ما يحز في النفس ان يعمل بعض أبناء المسلمين على تحطيم اجنحة الصحوة الإسلامية وتكبيلها بقيود الاختلاف غير المنضبط حول ما يستحق وما لا يستحق، الأمر الذي شغل المسلمين بأنفسهم، وبدد الكثير من طاقاتهم، وخلط امامهم الأشياء خلطا عجيبا جعلهم لا يفرقون بين الهنات والهينات وعظائم الأمور، وبين يسيرها وجليلها، فكيف يمكن لقوم هذا شانهم أن يعالجوا قضاياهم حسب أهميتها، وان يرتبوا الأمور بشكل يجعلهم قادرين على استئناف مسيرة الحياة الإسلامية ؟!
بيانات النشر: فرجينيا_المعهد العالمي للفكر الإسلامي
تحميل الفهرس: اضغط هنا